الإمام الذي دلت العقول على أن كل زمان لا يخلو من رئيس معصوم لا يجوز عليه الخطأ في قول ولا فعل، فمن هذا الوجه كان إجماعهم حجة ودلالة قاطعة وهذه الطريقة واضحة مشروحة في غير موضع من كتبنا.
فإن استدل المخالف بظواهر آيات القرآن مثل قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، وقوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم، بعد ذكر المحرمات؟ قلنا: هذه الظواهر يجوز أن يرجع عنها بالأدلة كما رجعتم أنتم عنها في تحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها مع جواز ذلك عندنا على بعض الوجوه على ما نذكره، على أن النساء اللاتي يعلم تحريمهن بالسنة إنما حرمت كل واحدة منهن على رجل بعينه بسبب من قبله وأمر من أموره وإلا كانت هي قبل ذلك على أصل الإباحة، ولولا حصول ما حصل لما حرمت البتة فسقط سؤالهم.
فأما إذا زنى رجل بامرأة حرمت على ابنه والدليل عليه قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم، ولفظ النكاح يقع على الوطء والعقد معا على ما ذكرناه فكأنه قال لا تعقدوا على من عقد عليه آباؤكم ولا تطأوا من وطأهن.
والدليل على جواز نكاح العمة والخالة وعنده بنت الأخ وبنت الأخت إجماع الطائفة، وكذا نكاح المرأة وعنده عمتها وخالتها إذا رضيتا فإنه يدل عليه عموم قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم، لأنه عام في جميعهن، ومن ادعى نسخه فعليه الدلالة وخبر الواحد لا ينسخ به القرآن.
باب ضروب النكاح قال الله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم، وقال تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، أما الآية الأولى فقد قيل في معناه أربعة أقوال: أحدها: أحل لكم ما دون الخمس أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح، الثاني: أحل لكم ما وراء ذوات المحارم من أقاربكم