قلنا: قد ذهب بعض أصحابنا إلى أنها تحصن وبعد فإذا كانت لفظة محصنين تليق بالنكاح المؤبد رددنا ذلك إليه، كما إنا رددنا لفظة الاستمتاع إلى النكاح المؤجل لما كانت تليق به، فكأنه تعالى أحل النكاح على الإطلاق وابتغاءه بالأموال ثم فصل منه المؤبد بذكر الإحصان والمؤجل بذكر الاستمتاع.
وقد استدل المخالفون في حظر المتعة بقوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، قالوا: والمنكوحة متعة ليست بزوجة من وجوه، لأنها لا ترث ولا تورث، والله تعالى يقول: ولكم نصف ما ترك أزواجكم (ولهن الربع مما تركتم.) وأيضا لو كانت زوجة لوجب أن تعتد عند وفاة المستمتع بها أربعة أشهر وعشرا لقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا.
وأيضا لو كانت زوجة لبانت بالطلاق بظاهر الكتاب، وأيضا لو كانت زوجة للحقها الإيلاء واللعان والظهار وللحق بها الولد. وأيضا لو كانت زوجة لوجب لها السكنى والنفقة وأجرة الرضاع وأنتم تذهبون إلى خلاف ذلك، وأيضا لو كانت زوجة لأحلت المطلقة ثلاثا للزوج الأول بظاهر قوله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره.
فيقال لهم في ما تعلقوا به أولا: ليس فقد الميراث علامة على فقد الزوجية لأن الزوجة الذمية والأمة والقاتلة لا يرثن ولا يورثن وهن زوجات على أن من مذهبنا أن الميراث قد يثبت في المتعة إذا لم يحصل شرط في أصل العقد بانتفائه، ونستثني المتمتع بها مع شرط نفي الميراث من ظواهر آيات الميراث كما استثنيتم الذمية والقاتلة فأما ما ذكروه ثانيا: فهم يخصون الآية التي تلوها في عدة المتوفى عنها زوجها لأن الأمة عندهم زوجة وعدتها شهران وخمسة أيام، وإذا جاز تخصيص ذلك بالدليل خصصنا المتمتع بها بمثله.
وأما ما ذكروه ثالثا فالجواب عنه: إن في الزوجات من تبين بغير طلاق كالملاعنة والمرتدة والأمة المبيعة والمالكة لزوجها وظواهر الكتاب غير موجبة لأن كل زوجة يقع بها طلاق فإنما يتضمن ذكر أحكام الطلاق إذا وقع مثل قوله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن. لعدتهن، وقوله تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن.