فالجواب إنا نشرط في ذلك الاسلام بالأدلة المتقدمة.
فإذا قيل: لا معنى لذلك وقد أغنى عنه قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات، قلنا:
يجوز قبل ورود هذا أن يفرق الشرع بين المؤمنة التي لم تكن قط كافرة و بين من كانت كافرة ثم آمنت، ففي بيان ذلك والجمع بين الأمرين في الإباحة فائدة.
فإن قيل: إذا شرطتم في آية الإباحة ما ليس في الظاهر وصارت مجازا فأي فرق بينكم في ذلك وبيننا إذا عدلنا عن ظواهر الآيات التي احتججتم بها، وخصصناها بالكافرات المرتدات والحربيات.
قلنا: الفرق بيننا وبينكم أنكم تعدلون عن ظواهر آيات كثيرة، ونحن نعدل عن ظاهر آية واحدة، فمذهبنا أولى.
مسألة:
ومما شنع به على الإمامية: تجويزهم إعارة الفروج، وأن الفرج يستباح بلفظ العارية.
وتحقيق هذه المسألة إنا ما وجدنا فقيها منهم أفتى بذلك ولا أودعه مصنفا له ولا كتابا، وإنما توجد في أحاديثهم أخبار نادرة تتضمن إعارة الفروج في المماليك.
وقد يجوز إذا صحت تلك الأخبار وسلمت من القدوح والتضعيف أن يكون عبر بلفظ العارية عن النكاح، لأن في النكاح معنى العارية من حيث كانت إباحة للمنافع مع بقاء العين على ملك مالكها، ونكاح الأمة يجري هذا المجرى، لأن الرجل إذا أنكح أمته غيره فإنما أباحه الانتفاع بها مع بقاء ملك الجارية عليه.
فإن قيل: أ فتجوزون استباحة الفرج بلفظ العارية؟
قلنا: ليس في الأخبار التي أشرنا إليها أن لفظة العارية من الألفاظ التي ينعقد بها النكاح، وإنما تضمنت أنه يجوز للرجل أن يعير فرج مملوكته لغيره فيحمل لفظ العارية هاهنا على أن المراد بها النكاح من حيث الاشتراك في المعنى، كما قال يجوز للرجل أن يبيح مملوكته لغيره على معنى أنه يعقد عليها عقد النكاح الذي فيه معنى الإباحة، ولا يقتضي ذلك أن النكاح ينعقد بلفظ الإباحة على أن أبا حنيفة وأصحابه لا يجب أن يشنعوا بذلك وهم يجيزون أن ينعقد النكاح بلفظ الهبة والبيع، فليس الشناعة في العدول عن زوجيني نفسك إلى بيعيني