المسألة التاسعة والأربعون والمائة:
الزنى لا يوجب تحريم المصاهرة. الذي يذهب إليه أصحابنا أنه من زنا بامرأة جاز له أن يتزوج بأمها وابنتها سواء كان الزنى قبل العقد أو بعده وهو مذهب الشافعي والزهري والليث ومالك وربيعة وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وهو قول الثوري والأوزاعي دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد ما روي عنه من قوله: لا يحرم الحرام الحلال وفي خبر لا يفسد الحرام الحلال وإذا فجر [رجل] بامرأة فلا عليه أن ينكح أمها وبنتها وهذا نص في موضع الخلاف فإن قيل في الخبر الأول لا يحرم الحرام الحلال أنتم تذهبون إلى خلاف ذلك وتقولون إن من يلوط بغلام فأوقبه لم تحله له أمه ولا أخته ولا بنته أبدا قلنا ظاهر الخبر يدخل فيه ما عارضتم به وإنما أخرجنا منه المتلوط بدليل ولا دليل على ما اختلفنا فيه يوجب تخصيص للظاهر.
المسألة الخمسون والمائة:
الشهادة معتبرة في صحة النكاح في أحد القولين وكذلك الولي وفي الرواية الأخرى هما مستحبان الذي يذهب إليه أصحابنا أن الشهادة ليست بشرط في صحة النكاح وينعقد النكاح من دونها وإن كانت الشهادة أفضل وأولى، وقد حكى عن بعض الصحابة الموافقة لنا في أن الشهادة ليست بشرط في النكاح وإلى ذلك ذهب داود فأما الولاية فعندنا أن المرأة العاقلة البالغة تزول عنها الولاية في بضعها ولها أن تزوج نفسها وأن توكل من يزوجها وقال أبو حنيفة والشافعي وسائر الفقهاء سوى مالك أن الشهادة شرط في النكاح وقال مالك من شرط النكاح ألا يتواصوا بالكتمان فإن تواصوا بذلك لم يصح وإن حضره الشهود فإن لم يتواصوا به صح وإن لم تحضر الشهود وقال أبو حنيفة إذا زوجت المرأة العاقلة نفسها بغير إذن وليها جاز النكاح فإن كان الزوج كفؤا لها لم يكن للولي أن يعترض عليها وإن لم يكن كذلك فله أن يفرق بينهما وقال أبو يوسف ومحمد يقف النكاح على إجازة وليها فإن أجاز جاز وإن لم يجزه وكان كفؤا لها أجاز الحاكم وقال الشافعي: لا ينعقد النكاح إلا بولي ذكر على أي صفة كانت المنكوحة دليلنا على أن الشهادة ليست بشرط في النكاح بعد الاجماع