أن تزيدها في الأجر وتزيدك في الأجل، وما يقوله مخالفونا من أن المراد بذلك رفع الجناح في الإبراء أو النقصان أو الزيادة في المهر أو ما يستقر بتراضيهما من النفقة ليس بمعمول عليه، لأنا نعلم أن العفو والإبراء مسقط للحقوق بالعقول، ومن الشرع ضرورة لا بهذه الآية، والزيادة في المهر إنما هي كالهبة، والهبة أيضا معلومة لا من هذه الآية، وأن التراضي مؤثر في النفقات وما أشبهها معلوم أيضا، وحمل الآية والاستفادة بها ما ليس بمستفاد قبلها ولا معلوم هو الأولى، والحكم الذي ذكرناه مستفاد بالآية غير معلوم قبلها فيجب أن يكون أولى.
ومما يمكن معارضة المخالف به الرواية المشهورة أن عمر خطب الناس ثم قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله ص حلالا أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما، متعة النساء ومتعة الحج، فاعترف بأنها كانت على عهد الرسول ص حلالا، وأضاف النهي والتحريم إلى نفسه، فلو كان النبي ص هو الذي نسخها ونهى عنها أو أباحها في وقت مخصوص دون غيره على ما يدعون لأضاف عمر التحريم إليه ع دون نفسه.
فإن قيل: من المستبعد أن يقول: ذلك عمر، ويصرح بأنه حرم ما أحله النبي عليه السلام فلا ينكره عليه منكر.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال في جملة جواب المسائل الطرابلسيات، وقلنا: إنه لا يمتنع أن يكون السامعون لهذا القول من عمر انقسموا إلى معتقد للحق، برئ من الشبهة، خارج عن حد العصبية غير أنه لقلة عدده وضعف بطشه، لم يتمكن من إظهار الانكار بلسانه فاقتصر على إنكار قلبه.
وقسم آخر وهم الأكثرون عددا، دخلت عليهم الشبهة الداخلة على مخالفينا في هذه المسألة واعتقدوا أن عمر إنما أضاف النهي إلى نفسه وإن كان الرسول ص هو الذي حرمها تغليظا وتشديدا وتكفلا وتحققا، وقسم آخر اعتقدوا أن ما أباحه الله تعالى في بعض الأوقات إذا تغيرت الحال فيه وأشفق من ضرر في الدين يلحق في الاستمرار عليه جاز أن ينهى عنه بعض الأئمة، وعلى هذا الوجه حمل الفقهاء نهى عمر عن متعة الحج، وقد تقدم ذكر ذلك على أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن المتمتع لا يستحق رجما ولا عقوبة،