أحدهما: أن الرجس والرجز والنجس بمعنى واحد، لقوله: والرجز فاهجر، ولقوله:
فاجتنبوا الرجس.
والوجه الثاني: إنه تعالى أطلق عليه اسم التطهير، وهو في الشرع إزالة النجاسة.
ودم الحيض نجس قليله وكثيره لا يجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه شئ قليل والدليل عليه آية المحيض فإنها على العموم. والخمر وكل مسكر نجس، يدل عليه آية تحريمه، وهي على العموم أيضا وأما الغائط فيمكن أن يستدل على نجاسته بآية الطهارة.
والفقاع وغيره من النجاسات تدل على نجاستها السنة على سبيل التفصيل والقرآن على الاجمال، قال تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقد نهى عنه.
فصل:
والدم الذي ليس بدم حيض ونفاس واستحاضة يجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي، وما زاد على ذلك لا يجوز الصلاة فيه.
واحتجاجنا عليه من الكتاب - مضافا إلى الاجماع - قوله: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، فجعل تطهير الأعضاء الأربعة مبيحا للصلاة، فلو تعلقت الإباحة بغسل نجاسة لكان ذلك زيادة لا يدل عليها الظاهر لأنه بخلافها، ولا يلزم على هذا ما زاد على الدرهم.
وما عدا الدم من سائر النجاسات من بول أو عذرة ومني وغيرها وإن كان قليلا يجب إزالته لأن الظاهر - وإن لم يوجب ذلك - فقد عرفناه بدليل أوجب الزيادة على الظاهر، وليس في ذلك يسير الدم.
وتلك الدماء الثلاثة للنساء تختص في الأكثر بأوقات معينة يمكن التحرز منها، وباقي الدماء بخلاف ذلك، وإنما فرقنا بين الدم وبين البول والمني وسائر النجاسات في اعتبار الدرهم لإجماع الطائفة وأخبارهم. ويمكن أن يكون الوجه فيه أن الدم لا يوجب خروجه من الجسد - على اختلاف مواضعه - وضوءا إلا ما ذكرناه، والبول والعذرة والمني يوجب خروج