الوضوء والغسل.
قلنا: أراد سبحانه أن يرخص للذين وجب عليهم التطهير وهم عادمون للماء في التيمم، فخص من بينهم مرضاهم وسفرهم، لأنهم المتقدمون في استحقاق بيان الرخصة لهم لكثرة المرض والسفر وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة لغرضه، ثم عم من وجب عليه التطهر وأعوزه الماء لخوف عدو أو سبع أو عدم آلة استقاء أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر.
مسألة:
الدلك في غسل الجنابة غير واجب بدلالة قوله: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا، واسم الاغتسال ثابت مع عدم الدلك للجوارح والبدن، فبطل قول من أوجبه، إذ ليس بعد امتثال الأمر بالغسل أمر آخر، وذلك البدن معنى زائد على الغسل، وإيجاب ما زاد على المأمور به لا يكون من جهة الشرع إلا أن يريد به احتياط المغتسل في إيصال الماء إلى أصل كل شعر من رأسه وبدنه.
مسألة:
فإن قيل: مم اشتقاق الجنابة؟
قلنا: من البعد، فكأنه سمى به لتباعده عن المساجد إلى أن يغتسل، ولذلك قيل " أجنب ".
وقال ابن عباس: الانسان لا يجنب والثوب لا يجنب، فإنه أراد به أن الانسان لا يجنب بمماسة الجنب، وكذا الثوب إذا لبسه الجنب.
مسألة:
الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره، وإن كان صخرا لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده عليه لكان ذلك طهوره، وهو مذهب أبي حنيفة أيضا.