مسألة:
إن قيل: لم جاز أن يعبر عن إرادة الفعل بالفعل في قوله: إذا قمتم إلى الصلاة.
قلنا: لأن الفعل يوجد بقدرة الفاعل عليه ويقع على وجه دون وجه بإرادته له، فكما يعبر عن القدرة على الفعل بالفعل في قولهم: الانسان لا يطير والأعمى لا يبصر، أي لا يقدران على الطيران والأبصار، كذلك عبر عن إرادة الفعل بالفعل، فأقيم ما هو كالمسبب مقام ما هو كالسبب للملابسة بينهما، ولا مجاز في الكلام.
مسألة:
فإن قيل: ظاهر الأمر يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة محدث وغير محدث.
قلنا: يحتمل أن يكون الأمر للوجوب، فيكون الخطاب للمحدثين خاصة.
فإن قيل: هل يجوز أن يكون الأمر شاملا للمحدثين وغيرهم، لهؤلاء على وجه الإيجاب ولهؤلاء على وجه الاستحباب؟
قلنا: نعم هذا من الصواب لأنه لا مانع من أن تتناول الكلمة الواحدة معنيين مختلفين.
مسألة:
أما ما روي أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من الصحابة حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا فلما ثملوا وجاء وقت صلاة المغرب قدموا أحدهم ليصلي بهم، فقرأ: أعبد ما تعبدون أنتم عابدون ما أعبد، فنزل: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، فكانوا لا يشربون في أوقات الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر وعلموا ما يقولون، ثم نزل تحريمها.
فهذه الرواية غير صحيحة، فالخمر كانت محرمة في كل ملة على ما نذكره في بابه.