مسألة:
فإن قيل: ما محل قوله: إلا عابري سبيل من الإعراب؟
قلنا: من فسر الصلاة في الآية بمواضع الصلاة - وهي المساجد - فحذف المضاف فهو في موضع الحال، أي لا تقربوا المسجد جنبا إلا مجتازين منه إذا كان فيه الطريق إلى الماء أو كان الماء منه أو احتلم فيه. وكان النبي ص لم يأذن لأحد يمر في مسجده وهو جنب إلا لعلي ع حتى سد الأبواب كلها إلا بابه.
وأما من حمل الآية على ظاهرها - وهو بعيد - فقال: معناه لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة إلا ومعكم حال أخرى تعذرون فيها وهي حال السفر، وعبور السبيل عنده عبارة، عن السفر، فقد ترك مجازا ووقع في مجازين.
وإن زعم أنه صفة لقوله " جنبا " أي ولا تقربوا الصلاة جنبا غير عابري سبيل، فإنه لا تصح صلاتهم على الجنابة لعذر السفر، حتى يغتسلوا أو يتيمموا عند العذر، وهذا يستوي فيه المقيم والمسافر.
مسألة:
فإن قيل: إن الله تعالى أدخل في حكم الشرط أربعة، وهم المرضى والمسافرون والمحدثون وأهل الجنابة، فبمن تعلق الجزاء - الذي هو الأمر بالتيمم عند عدم الماء منهم؟
قلنا: الظاهر أنه يتعلق بهم جميعا، وإن المرضى إذا عدموا الماء لضعف حركتهم وعجزهم عن الوصول إليه أو مع وجدانهم الماء لا يمكنهم استعمال الماء لجرح أو قرح بهم فلهم أن يتيمموا، وكذلك السفر إذا عدموه لبعدهم منه أو لبعض الأسباب التي هي في الشرع عذر، والمحدثون وأهل الجنابة كذلك إذا لم يجدوه لبعض الأسباب.
مسألة:
فإن قيل: كيف نظم في سلك واحد بين المرضى والمسافرين وبين المحدثين والمجنبين، والمرض والسفر سببان من أسباب الرخصة، والأحداث سبب لوجوب