إلى الصلاة فاغسلوا، ومعلوم أنه إذا قام إلى الصلاة لا يغسل أعضاءه لأنه لا يقوم إليها ليصلي إلا وقد غسل الأعضاء أو فعل ما قام مقامه، فعلم أنه أراد إذا أردت القيام إلى الصلاة فاغسل أعضاءك، فأمر بغسل الأعضاء فثبت أن الغسلين والمسحين كليهما واجب في هذه الطهارة.
ويدل قوله تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، على وجوب عشر كيفيات مقارنة للوضوء، وعلى وجوب أربعة أشياء قبل الوضوء، وهي تركان وفعلان.
فصل:
وإذا ثبت وجوب الطهارة - لأن الله أمر بها والأمر في الشرع على الوجوب لا يحمل على الندب إلا لقرينة - فاعلم أنهم اختلفوا هل يجب ذلك كلما أراد القيام إلى الصلاة أو في بعضها أو في أي حال هي؟
فقال قوم: المراد به إذا أراد القيام إليها وهو على غير طهر، وهو المروي عن ابن عباس وجابر.
وقيل: معناه إذا قمتم من نومكم إلى الصلاة. وروي أن الباقر ع سئل ما المراد بالقيام إليها؟ فقال: المراد به القيام من النوم.
وقيل: المراد به جميع حال قيام الانسان إلى الصلاة فعليه أن يجدد طهر الصلاة، عن عكرمة وقال: كان علي ع يتوضأ لكل صلاة ويقرأ هذه الآية، وهذا محمول على الندب. وعن ابن سيرين: كان الخلفاء يتوضأون لكل صلاة. وعن ابن عمر: كان الفرض أن يتوضأ لكل صلاة ثم نسخ ذلك بالتخفيف، فقد حدثته أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة ابن أبي عامر الغسيل حدثها أن النبي ص أمر بالوضوء عند كل صلاة فشق ذلك عليه فأمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلا من حدث، فكان عبد الله يرى ذلك فرضا. وروى سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي ص كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان عام الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، فقال عمر: يا رسول الله صنعت شيئا ما كنت تصنعه. فقال: عمدا فعلته.