فصل:
والآية تدل على جميع ما ذكرناه من الواجب والندب لغة، وأقوى الأقوال ما حكيناه أولا من أن الفرض بالوضوء يتوجه إلى من أراد الصلاة وهو على غير طهر، فأما من كان متطهرا فعليه ذلك استحبابا.
وقال الحسين بن علي المغربي: معنى " إذا قمتم " إذا عزمتم عليها وهممتم بها، قال الراجز للرشيد:
ما قائم دون الفتى ابن أمه وقد رضيناه فقم فسمه فقال: يا أعرابي ما رضيت أن تدعونا إلى عقدة الأمر له قعودا حتى أمرتنا بالقيام فقال:
قيام عزم لا قيام جسم.
وقال خزيم الهمداني:
فحدثت نفسي أنها أو خيالها أتانا عشاء حين قمنا لنهجعا أي حين عزمنا للهجوع.
وقال قوم: إن الله تعالى أنزل هذه الآية إعلاما للنبي ص أنه لا وضوء عليه واجبا إلا إذا قام إلى الصلاة وما يجري مجراها من العبادات لأنه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى نزلت هذه الآية، فأباح الله له بها أن يفعل ما بدا له من الأعمال بعد الحدث توضأ أو لم يتوضأ إلا عمل الصلاة فإنه يجب عليه أن يتوضأ له.
وفي الآية نيف وعشرون حكما سوى التفريعات الداخلة تحتها والامتحان يستخرجها فالحوادث غير متناهية وعموم النصوص أيضا غير متناهية وإن كانت النصوص متناهية فلا حاجة إلى القياس شرعا.
فصل:
وقوله فاغسلوا وجوهكم، أمر منه تعالى بغسل الوجه، والأمر شرعا يقتضي الوجوب وإنما يحمل على الندب لقرينة. وغير ممتنع أن يرادا باللفظ الواحد في الحالين لأنه لا تنافي بينهما.