منها ان الاستصحاب في الأحكام الواقعية في المقام لا يجري ولو فرض وجود اليقين السابق، لعدم الشك في البقاء، فان الشك فيه اما ناش من احتمال النسخ أو احتمال فقدان شرط أو وجدان مانع والكل مفقود، بل الشك فيه ممضى في حجية الفتوى وجواز العمل بها وانما يتصور الشك في البقاء إذا قلنا بالسببية والتصويب.
ومنها ان حكومة الأصل في المسألة الأصولية عليه في الفرعية ممنوعة، لأن المجتهد إذا قام مقام المقلد كما هو مفروض الكلام يكون شكه في جواز العمل على فتاوى الميت في الأصول والفروع ناشئا من الشك في اعتبار الحياة في المفتي وجواز العمل في كل من الطائفتين مضاد للآخر ومقتضى جواز كل لا جواز الاخر (ولو قيل) ان مقتضى إرجاع الحي إياه إلى الميت سببية شكه في الأصولية (قلنا) هذا خلاف المفروض والا فلا يبقى مجال للشك له في هذه المسألة ففرض الشك فيما لم يقلد عن الحي فيها.
هذا مضافا إلى ان مطلق كون الشك مسببا عن الاخر لا يوجب التحكيم كما قررنا في محله مستقصى وملخصه: ان تقدم الأصل السببي ان الأصل في السبب منقح لموضوع دليل اجتهادي ينطبق عليه بعد التنقيح والدليل الاجتهادي بلسانه حاكم على الأصل المسببي فإذا شك في طهارة ثوب غسل بماء شك في كريته فاستصحاب الكرية ينقح موضوع الدليل الاجتهادي الدال على ان ما غسل بالكر يطهر وهو حاكم على الأصل المسببي بلسانه.
وان شئت قلت: انه لا مناقضة بين الأصل السببي والمسببي لأن موضوعهما مختلفان، والمناقض للأصل المسببي انما هو الدليل الاجتهادي بعد تنقيح موضوعه حيث دل بضم الوجدان وتطبيقه على الخارج ان هذا الثوب المغسول بهذا الماء طاهر والاستصحاب في المسببي مفاده ان هذا الثوب المشكوك في نجاسته وطهارته نجس ومعلوم ان لسان الأول حاكم على الثاني.
(وتوهم) انه مقتضى الأصل السببي هو ترتيب جميع آثار الكرية على الماء ومنها ترتيب آثار طهارة الثوب.