إذا امتد فالخطوط الخارجة عن مقاديم البدن طولا يصل كثير منها إلى الكعبة الممتدة إلى عنان السماء فيكون استقبال المصلي لها حقيقيا وإن غفل عنه العامة.
بل الظاهر وقوع الاستقبال والاستدبار للكعبة المكرمة في جميع بقاع الأرض أينما كان المصلي فمن صلى إلى قبال البيت كان مستقبلا له ومستدبرا أيضا بعد التأمل فيما مر.
ولعل هذا سر قوله تعالى أينما تولوا فثم وجه الله (1) حيث طبق في الأخبار على القبلة كقوله (عليه السلام) في مكاتبة محمد بن الحصين إلى عبد صالح (عليه السلام) فكتب يعيدها ما لم يفته الوقت أو لم يعلم أن الله تعالى يقول وقوله الحق فأينما تولوا فثم وجه الله (2) تأمل.
ثم اعلم أن الشارع الأقدس أسقط حكم الاستقبال والاستدبار الحقيقيتين فيما إذا خالفا لحكم العرف وأثبت حكمهما على طبق نظرهم، فما كان استقبالا بنظر العرف الملازم لكونه استقبالا حقيقة بلا شائبة تسامح رتب عليه حكمه وما لا يكون كذلك أسقط عنه الحكم بالاستقبال ولو كان استقبالا حقيقة.
وما ذكرناه عكس ما ذكره القول من أن التوجه إلى الجهة يكون في اعتبار العرف نحو توجه إلى البيت وإن لم يكن كذلك واقعا فإن لازم ما ذكرناه أن التوجه إلى الجهة توجه حقيقي إلى البيت وإن غفل عنه العامة ألا ترى أنه لو علم العرف بأن بينهم وبين الكعبة ستين درجة وأنها واقعة في أفق آخر وجهتها غير جهة أفقهم ينكرون جدا كون صلاتهم إلى القبلة أو إلى جهتها ولعل الخواص أشد انكارا منهم مع أن الاستقبال الحقيقي محقق بلا ريب.
نعم لا ريب لأحد في أن الصلاة لا بد من اتيانها إلى جهة أقرب إلى مكة من سائر