جميع الصور المتصورة في الصلاة بناء على كون الدعوى مختصة ببابها كما لا يبعد أو كون ما يترتب عليه من الفروض البارزة عرفا وعقلا بحيث كان مما تصح فيه دعوى أنه تمام الآثار كالشجاعة في الأسد والرجولية في الرجل أو كانت الآثار المرتبة عليه كثيرة بحيث كان الأثر المقابل نادرا ملحقا بالمعدوم فمصحح الدعوى أحد الأمور الثلاثة ومع فقدانها لا تصح.
وفي المقام لو اختص أثر الكعبة أي صحة الصلاة نحوها بفرض واحد وهو فرض التحري الذي يختص بمن يبصر ويكون الأعمى محروما عنه أي الأخذ بالأحرى بعد الاجتهاد والتفحص عن الجهات وكان سائر الفروض كالقطع والظن والبينة والغفلة والاشتباه والسهو والنسيان والجهل غير محكومة بهذا الحكم كانت دعوى كونه قبلة غير صحيحة ضرورة أن التحري ليس من الفروض الواضحة البارزة عرفا أو عقلا ولا تكون سائر الفروض قليلة ملحقة بالعدم بل هي أمور كثيرة شايعة كما لا يخفى.
وليست القضية في المورد قضية الاطلاق والتقييد حتى يقال: إن التخصيص المذكور لا يوجب الاستهجان، بل قضية صدق الدعوى ومصححها وهو أمر غير باب الاطلاق والتقييد، مع أن التقييد المذكور أيضا محل اشكال مع تلك الكثرة وعليه فلو لم يمكن توجيه صحيحة الحلبي بنحو عقلائي لا بد من معاملة المعارضة بينها وبين صحيحة زرارة ونحوها.
والذي يمكن أن يقال أمور (الأول) إن قوله وهو على غير القبلة أعم مما بينهما وغيره إلى حد الاستدبار وقوله بين المشرق والمغرب قبلة حاكم عليه فيختص غير القبلة بما عدا ما بينهما فيقع التعارض بين صحيحة الحلبي والروايات المفصلة وينتفى التعارض بينها وبين صحيحة زرارة ودعوى كون الحكم في صحيحة الحلبي بعدم الإعادة على من تحرى قرينة على الموضوع فكان المفروض أنهم صلوا فيما بين المشرق والمغرب غير مسموعة فإن الظهور اللفظي لا ينقلب بمجرد كون الحكم بدليل آخر منفصل مخصوصا بمورد خاص.