الأعمال بالنيات بالتقريب المتقدم، فلا يوجب الاخلال غير العمدي بها في أصل الصلاة أو في أركانها فضلا عن غيرها بطلانها، وذلك لحديث الرفع وقاعدة لا تعاد، لأن ما هو الركن الموجب للإعادة هو الخمسة، وأما النية بهذا المعنى فلا، ولا يوجب بطلان الركن حتى تبطل به الصلاة.
إلا أن يقال إن اعتبار النية مستفاد من الكتاب مثل قوله تعالى (1) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فخرجت عن السنة التي لا تنقض الفريضة ودخلت في الفريضة الناقضة.
لكنه فاسد أما أولا فلأن الآية الكريمة وما شابهتها بصدد بيان الاخلاص في النية بعد ما كانت معتبرة في الصلاة وأجزائها عقلا لتقوم نفس الصلاة وأجزائها بها، وهو أمر عقلي لا اعتبار شرعي.
وأما ثانيا فلأنه لا دليل على أن كل فريضة فرضها الله في كتابه ناقضة للفريضة فإن ما دل عليه حديث لا تعاد هو حصر الناقض بالخمس وذيله لا تدل إلا على قاعدة أخرى هي عدم نقض السنة الفريضة، وأما نقض كل فريضة ولو غير الخمسة فلا دلالة فيها، وتوهم دلالة مقابلة السنة للفريضة أو اشعارها على أن جميع ما يعتبر في الصلاة إما سنة غير ناقضة أو فريضة ناقضة، يدفع بأن الدلالة ممنوعة والاشعار لا يفيد، مع أن التوسعة بالتعليل في مثل الحديث خارجة عن الطريقة العقلائية في المحاورات، فإن حصر الناقض في الخمسة ثم تعقيبه في كلام واحد بأن كل فريضة من الخمسة وغيرها ناقضة للصلاة يعد تناقضا وخارجا عن المحاورات العرفية فكأنه قال لا ينقض الصلاة إلا الخمسة وينقضها كل شئ يستفاد من الكتاب، وهو كما ترى، ولهذا نقول ما عدا الخمسة سواء استفيد حكمة من الكتاب أو من السنة داخل في المستثنى منه إلا أن يدل دليل على الخروج.
هذا مضافا إلى بطلان المبنى وهو لزوم اخطار النية بالبال أو إظهارها في اللفظ بنحو الواجب التخييري لمنع استفادته من تلك الروايات كما يظهر بالتأمل