(ومنها) أن يقال الانتصاب لا دخالة له في ماهيته، بل القيام العرفي الصادق مع انحناء ما كاف في صدقه إلى غير ذلك من الاحتمالات.
ثم على فرض دخالة القيام في ماهية يشكل امكان ركنية القيام المتصل بالركوع بمعنى الهوي عن قيام مقابل ركنية الركوع، ضرورة أن القيام إذا كان دخيلا في الماهية يصير جزء ركنيا للصلاة باعتبار جزئيته للركوع، فمن ركع عن غير قيام أخل بالركوع وبطلت لأجله، فلا يعقل جزئية القيام المذكور مرتين في الصلاة وكذا ركنيته، فالقائل بركنيته مقابل الركوع لا بد له من التزام أحد الأمرين، أما الالتزام بأن الركوع لا يتقوم بالقيام، وأما الالتزام بأن المراد بالقيام المتصل بالركوع قيام ما قبل القيام المتصل، فالركن مصداقان من القيام، أحدهما ما هو متصل بالهوى إلى الركوع فهو جزء الركوع وركن بركنيته ثانيهما قطعة أخرى من القيام قبل ما هو متصل بالهوى إلى الركوع فهو ركن آخر، والظاهر عدم التزام أحد بالثاني.
بل الظاهر من كلماتهم هو ركنية القيام المتصل بالمعنى الأول، فلا بد له من الالتزام بعدم دخالته في مفهوم الركوع وهو غير بعيد عرفا ولغة، فإن من هوى إلى السفل من غير قصد الركوع ثم بدا له الركوع وأدام هويه إلى حده يصدق عليه أنه ركع ويصدق على ما أوجده الركوع، بل الظاهر صدقه على الهيئة الخاصة، فلو شوهد شخص في هذه الهيئة وسئل عن العرف بأن ذاك الشخص في أي حال يقال:
إنه في حال الركوع وإن لم يعلم أنه هوى من القيام إلى هذا الحد، وليس ذلك إلا للصدق العرفي.
ولو نوقش في ذلك، فلا اشكال في أن القيام فضلا عن الانتصاب لا دخل له في الصدق، فلو هوى من انحناء ما الذي هو خارج عن القيام لغرض فهوى إلى الحد يصدق الركوع عليه، وظاهر كلمات اللغويين أن الركوع هو الانحناء، ففي الصحاح الركوع الانحناء، ومنه ركوع الصلاة وركع الشيخ انحنى من الكبر، وقريب منه ما عن القاموس وغيره، وهو كما ترى ظاهر في أن نفس الانحناء والتقوس ركوع،