السببية جعلية شرعية، فلا بد في ذلك من ملاحظة حكم العقل، ومن المعلوم أن ذات القيام مقدمة رتبة على وصفها وهو شرطيته للتكبيرة: كما أن عدمها مقدمة على عدم الوصف، فترك القيام سبب لأمرين في رتبة واحدة بطلان الصلاة وفقد الشرط، وفقد الشرط والبطلان في رتبة واحدة، ولا يعقل أن يصير أحدهما سببا للآخر، فالبطلان دائما يترتب على ترك القيام بنفسه ولا يترتب على ترك الشرط تأمل.
وإن نوقش فيما ذكر باعتبار أن الشرط نفس القيام لا وصفه، وتقدم ذات القيام على ذاته الموصوفة بالشرطية غير ممكن، للزوم تقدم الشئ على نفسه، فنقول: إنه مع الغض عن امكان المناقشة في، ذلك يرد عليه اشكال آخر وهو أن انتساب بطلان الصلاة على فرض ركنية القيام إلى بطلان تكبيرة الاحرام لفقد شرطها وهو القيام غير معقول، لأن بطلان التكبيرة متأخر عن فقد شرطها وبطلان الصلاة متأخر عن بطلان التكبيرة، وبطلان الصلاة المترتب على فقد نفس القيام على فرض ركنيته في عرض بطلان التكبيرة فلا يعقل انتساب البطلان إلى بطلان التكبيرة بفقد شرطها في حال من الأحوال، هذا حال مقام الثبوت.
وأما بحسب مقام الدلالة فمع الغض عن الاحتمال الأخير وحمل ما ورد في الموثقة من لفظ افتتح ويفتتح على المعنى الكنائي بأن يراد منه أوجد تكبيرة الافتتاح، يكون الترجيح للقول بالشرطية، فإن الظاهر من الجملات المذكورة أن اللازم افتتاح الصلاة وهو قائم، سيما مع التأكيد بأنه لا يعتد بافتتاحه وهو قاعد.
هذا إذا دار الأمر بين الاحتمالات الثلاثة الأول، ولكن لا دليل على ذلك، بل الأمر دائر بين الاحتمالات الأربعة على ما تقدم، وعليه فالظاهر منها هو الاحتمال الرابع الذي ذكرناه أخيرا لأن الافتتاح مسبب عن التكبيرة، والحمل على المعنى المجازي أو الكنائي خلاف الظاهر، وقد دلت الموثقة على لزوم كون افتتاح الصلاة حال القيام، فتكون ظاهرة في أن القيام شرط لافتتاحها، ولما لم يمكن التفكيك بين آخر التكبيرة والافتتاح خارجا لا بد وأن يكون القيام مقارنا لآخرها حتى يوجد الافتتاح قائما، فلو نسي وأوجد بعض التكبيرة جالسا وقام وأتمها صحت صلاته لو