ثم إن المانع عن القول بالتغيير أمران، أحدهما احتمال أن لا يكون الجمع بما ذكرنا عرفيا ويشبه أن يكون صناعيا، ويرى العرف التعارض بين الطائفتين سيما بين صحيحة على ابن جعفر (1) وصحيحة الحلبي (2) الآمرة بالطرح، وثانيهما اعراض أصحابنا القدماء عن الطايفة الدالة على الصلاة في الثوب النجس مع اشتمالها على الصحاح، فلا تصلح للحجية، والقول بالتخيير إنما حدث بين المتأخرين من عصر المحقق إلى ما بعده حتى أن الحلي الذي لا يعمل بالخبر الواحد إلا ما كان قطعيا ترك العمل بتلك الطايفة وأفتى بمضمون الطايفة الأخرى على ما حكى عنه، وكيف كان الشهرة بين القدماء ثابتة، بل في الخلاف دعوى الاجماع عليه، فالقول بتعين الصلاة عاريا هو الأقوى الموافق للقواعد كما مر.
ويمكن الجمع بين الطائفتين بحمل ما دلت على وجوب الصلاة عاريا على ما إذا كان المصلي مأمونا من الناظر المحترم، وحمل ما دلت على الصلاة في الثوب على ما إذا لم يكن كذلك، بدعوى أن محط الروايات في الصلاة عاريا هو الفرض في الفلاة المأمون فيها من الناظر، بخلاف الروايات الأخر.
وفيها أن المتفاهم من الروايات إن فرض الفلاة لأجل فرض عدم امكان الثوب غير ما عليه وعدم امكان غسله لفقد الماء مع أن كونه فيها لا يلازم عدم غيره فيها لو لم نقل بأن الغالب وجود الرفقة في الأسفار.
أو بدعوى انصراف الدليل المشتمل على الصلاة عاريا عما إذا كان بمحضر من النظار لأن إباء النفوس عن ذلك بل قبحه لدى العرف يوجب الانصراف الذي هو بمنزلة التقييد فيقيد بها الاطلاقات الواردة في الصلاة مع الثوب.
وفيها منع الانصراف، ومنع القبح في المحيط الذي صدرت فيه الروايات بل القبح والاستيحاش تجدد بعد تلك العصور وفي أقوام أخر، فمن راجع إلى ما وردت في آداب الحمام يرى أن الدخول فيه بلا ستر ومئزر كان متعارفا رائجا، مضافا إلى