الحق من هو عليه، مع أن الكلام ليس في خصوص جعل الحق الذي يكون على شخص عوضا عن ماله في البيع ليحتاج إلى اثبات امتناع انتقال الحق إلى من هو عليه. فالظاهر أن المراد إبداء الفرق بين الملك والحق في جواز انتقال الملك إلى من هو عليه وعدم جواز ذلك في الحق وإن كان مما يصح نقله إلى غير من هو عليه (قوله: والسر إن الحق سلطنة) حاصله أن الحق سلطنة قائمة بين من له الحق ومن عليه فلا بد من تغايرهما، وليس كذلك الملك فإنها نسبة بين المالك والمملوك وهي وإن كانت تقتضي تغايرهما إلا أنها لا تقتضي تغاير من له الملك ومن عليه، فلا مانع من أن يملك الانسان ما في ذمته لتحقق المغايرة بين المالك والمملوك، لأن المالك نفسه والمملوك المال الذي في ذمته وهما غيران، واتحاد المالك ومن عليه الملك غير قادح، لما عرفت من عدم اقتضاء الملكية تغايرهما، ويمتنع أن ينتقل إليه الحق الذي عليه لأنه يستلزم اتحاد السلطان والمسلط عليه، وفيه " أولا " إنك عرفت أن إضافة الحقية نوع من الملكية وإنما تختلف معها موردا اصطلاحا " وثانيا " إن السلطنة من الأحكام التي لا تسقط بالاسقاط، وموضوعها تارة يكون ملكا وأخرى يكون حقا والسلطنة على الحق كالسلطنة على الملك من الأحكام لهما فكيف يكون الحق نفس السلطنة " وثالثا " إن ما ذكره من امكان ملك الانسان ما في ذمته لغيره فيسقط، مع أنه خلاف المتسالم عليه ظاهرا كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في صحة هبة ما في ذمة الغير لمن هو عليه، أن الموجب لسقوط الدين بعينه مانع من ملكه حدوثا، فإنه كما أنه لا اعتبار عند العقلاء للذمة والعهدة بالإضافة إلى بقاء الملك كذلك بالإضافة إلى حدوثه، بل كما أنه لا اعتبار لهما بالإضافة إلى حدوث الملك إذا لم يكن مسبوقا بملك الغير ضرورة عدم ملك الانسان ما في ذمته ابتداء، كذلك لا اعتبار لهما بالإضافة إلى ما كان ملكا للغير " وبالجملة ": كما يمتنع أن يملك الانسان نفسه يمتنع أن يملك الانسان على نفسه لأن ملكه لما في نفسه بما هو في نفسه يستتبع سراية الملكية إلى نفسه، ولذلك كان تصحيح بيع السلم والنسية والإجارة على العمل بقاعدة السلطنة على النفس لا على المال، وبذلك افترق ما في الذمة عن الأموال الخارجية، فإن صحة
(١٠)