السلام قال:
قلت: أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال: لا. قلت: ففوض إليهم الأمر؟ قال: قال: لا. قال: قلت: فماذا؟ قال: لطف من ربك بين ذلك. (1) وروى أيضا مسندا عن محمد بن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين. قال: قلت: وما أمر بين أمرين؟ قال:
مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته، فلم ينته. فتركته ففعل تلك المعصية. فليس حيث لم يقبل منك فتركته، كنت أنت الذي أمرته بالمعصية. (2) بيان: الآيات والروايات المباركة تصرح بالتصريح أنه لا جبر ولا تفويض، بل أفعال العباد مستندة إلى أمر بين الأمرين ومنزلة بين المنزلتين، وهو شئ ثالث يباين الجبر والتفويض. وهو الاستطاعة التي أوسع مما بين السماء والأرض، يفيضها الله تعالى لعباده فيكونوا مستطيعين بالحقيقة. وحيث إن مالكية العبد الاستطاعة تكون بتمليكه تعالى وفي طول مالكيته، فهو سبحانه أملك بها وغير منعزل عنها. فلا محالة تكون الأفعال مستندة إلى الاستطاعة التي يملكها العبد بالحقيقة ويفعل أفعاله بمالكيته واختياره وانتخابه، ويستحيل أن يكون الله سبحانه موصوفا بأفعال عباده.
وإياك أن تتوهم أن الأمر بين الأمرين أمر مركب من الجبر والتفويض. فإن هذا قول باطل. بل صريح الآيات والروايات المتقدمة هو أن المراد منه شئ ثالث أعلى وأجل مما يمكن أن يتوهم.