سبحانه، فيكون المعنى: ما تشاؤون إلا أن يشاء الله المشية لكم. أي: أنكم لا تقدرون على شئ إلا على ما أقدركم الله عليه، ولا تملكون شيئا من مشية الفعل إلا ما ملكها الله إياكم. وحيث إن تلك المالكية بتمليكه تعالى حدوثا وبقاءا، فلا محالة تكون في طول مالكيته تعالى ويكون هو سبحانه أملك بها، فيبطل التفويض الذي سيقت الآية الكريمة لإبطاله. ويبطل الجبر أيضا ضرورة أن العبد بمالكيته الاستطاعة يملك كلا طريق الفعل والترك، فيعلل الفعل والترك بالاستطاعة التي يملكها بالله.
ولا يخفى أن المشاء في قوله تعالى: إلا أن يشاء الله هو مشية الناس واستطاعتهم بإقدار الله تعالى إياهم بالحقيقة على الفعل والترك وليس الفعل والترك إلا بهذه الاستطاعة، وهي العلة الحقيقية للفعل والترك.
روى الكليني مسندا عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال:
إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثم يعذبهم عليها، والله أعجز من أن يريد أمرا فلا يكون. قال: فسئلا - عليهما السلام -:
هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: أوسع مما بين السماء والأرض. (1) وروى أيضا مسندا عن صالح بن سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الجبر والقدر فقال:
لا جبر ولا قدر، ولكن منزلة بينهما فيها الحق التي بينهما لا يعلمها إلا العالم، أو من علمها إياه العالم. (2) وروى أيضا مسندا عن أبي طالب القمي، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه