على الفرس. وليس المراد أن الله سبحانه إن شاء يقضي ويأمر بغلبة الروم على الفرس وإن شاء يقضي بخذلان الروم ومغلوبيتهم.
ومنها أن التقدير: لله الأمر من قبل كونهم غالبين وبعد كونهم مغلوبين.
وفيه أن أمره تعالى قبل كونهم غالبين هو الوفاء من نصره الروم و غلبتهم على الفرس. وأما بعد كونهم مغلوبين، فيكون شاملا لما قبل غلبتهم وما بعدها أيضا. وأمره تعالى بعد كونهم مغلوبين وقبل أن يصيروا غالبين، هو الوفاء بوعده من غلبتهم الفرس. وهو سبحانه صادق القول ونافذ العدة. وأما بعد كونهم غالبين، فلله سبحانه الأمر بإدامة نصرتهم وعزتهم. وله تعالى سلب النصرة والعزة عنهم وجعلهم مخذولين.
ومنها أن كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا ليس إلا بأمر الله.
وفيه أن منشأ هذا القول هو أن الآية الكريمة مسوقة لبيان توحده تعالى في الأمر، كما في قوله تعالى: قل إن الأمر كله لله. (1) وهذا غفلة عما ذكرنا من أن الآية الكريمة في مقام تمجيده تعالى بإطلاق مالكيته وبسط يده الفائضة الباطشة، يقضي ويأمر قبل الأمر الأول بما شاء وبعده أيضا. فله تعالى الأمر قبل الأمر الأول، أي قبل نصره الروم على الفرس في الأجل المضروب عليه، وله الأمر بعد الأجل المضروب.
روى البحراني عن صاحب ثاقب المناقب مسندا عن أبي هاشم الجعفري، عن محمد بن صالح قال:
قلت لأبي الحسن العسكري عليه السلام: عرفني عن قول الله تعالى:
لله الأمر من قبل ومن بعد. فقال عليه السلام: لله الأمر من قبل أن يأمر ومن بعد أن يأمر ما شاء.