بيان: " المنتهى " مصدر بمعنى الانتهاء. و " إلى " للغاية. والظاهر خاصة بمعونة الروايات الواردة في هذا الباب أن الغاية هو الله سبحانه والمغيى هو ما سواه تعالى من الأمور المتناهية. وحيث إن النسبة بين الغاية والمغيى نسبة التباين والمحدودية وغير المحدودية في شدة غير متناهية - أي قدسه تعالى عن نيل العقول الثاقبة والأفكار الفطنة - فيستحيل بالضرورة تجاوز ما سواه تعالى من المحدودات عن هذه الغاية النورية. ومن رام خلاف ذلك، فإنما يتلاعب بأفكاره وتصوراته من الأمور المتناهية، لا في ذاته تعالى. وكلما زاد من التفكر والتلاعب في ذاته لا يزداد إلا انحطاطا وبعدا عن كرامة معرفته تعالى.
روى الكليني مسندا عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إن الله عز وجل يقول وأن إلى ربك المنتهى، فإذا انتهى الكلام إلى الله، فأمسكوا. (1) وروى الصدوق عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق مسندا عن علي بن حسان الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن زرارة قال:
قلت لأبي جعفر عليه السلام إن الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة. فما تقول؟ فقال: مكروه. أما تسمع الله عز وجل يقول وأن إلى ربك المنتهى "؟! تكلموا فيما دون ذلك. (2) قال علي بن إبراهيم قال: " إذا انتهى الكلام إلى الله، فأمسكوا. وتكلموا فيما دون العرش. ولا تكلموا فيما فوق العرش. فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه. وهذا رد على من وصف الله ". (3)