أمر تسبيبا، هل يكفي في حصوله الفعل، أو لا بد فيه من القول، وهذا بخلاف الإجازة، فإنها ليست إلا نفس الرضاء والامضاء، فيمكن القول بحصولها بالفعل الكاشف عن الرضاء دونه، وإن كان الأقوى كفاية الفعل فيه أيضا.
(ثانيها): دلالة تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه أو إليه، بما لا يجوز إلا للمالك على الفسخ، أو الرضاء. أما دلالة التصرف فيما انتقل إليه على الرضاء، فعله لعدم الانفكاك مثله عادة عن قصد ترتيب الأثر على البيع أو الشراء، وقصد أنه تصرف في ملكه الحاصل ببيعه أو شرائه، وهذا عين الرضاء به. وهذا بخلاف التصرف فيما انتقل عنه، فإنه كما يمكن وقوعه بعنوان الفسخ، يمكن وقوعه عدوانا، أو فضولا، أو بشاهد الحال، أو غفلة عن انتقاله عنه. وحمل فعل المسلم على الصحيح، لا يقتضي إلا ترتيب أثر الصحيح شرعا عليه، لا أثر ما يتوقف عليه صحته، كما حقق في محله. وظهور الأفعال في عدم الفضولية، أو كونها مع عدم الغفلة، لو سلم، فلا دليل على اعتباره.
وأصالة عدم الخطأ في الأقوال والأفعال، لا يقتضي إلا عدم صدورها خطأ بحيث لولا الخطأ لما صدرت، لا عدم صدورها عن قصد مع الغفلة عما لولاها، لربما صدرت أيضا، وكذا الحال في أصالة عدم شاهد الحال، فإنها لا تثبت أن التصرف بقصد الفسخ، ولو على القول بالأصل المثبت.
فانقدح بذلك أن الأمر هيهنا، أشكل من حيث الصغرى والكبرى، فلا بد في الحكم الفسخ من كون الفعل مكتفا بقراين مفيدة لوقوعه فسخا، وبدونها لا يحكم به، لعدم احراز قصده، بل يمكن دعوى عدم حصوله في هذه الصورة، ولو مع قصده لاعتبار الدلالة في حصوله، وعدم كفاية قصده، فتأمل جيدا.
قوله (قدس سره): (ومن المعلوم أنه لا يصان عنه إلا إذا وقع - الخ -).
يمكن أن يقال: إنه على السببية لما كان الفسخ مؤخرا عن الفعل ذاتا ومقارنا له زمانا، كانت هذه المقارنة الزمانية كافية في صيانة فعل المسلم، إذا لا يعتبر في صحته إلا وقوعه في حال الملك، وعدم وقوعه قبله زمانا،