بالتنوين، فمن خفض ونون ذهب إلى أنه صوت لا يعرف معناه إلا بالنطق به، فخفضوه، كما تخفض الأصوات، ونونوه كما قالت العرب: سمعت طاق طاق، لصوت الضرب وسمعت تغ تغ، لصوت الضحك، والذين لم ينونوا وخفضوا، قالوا: أف، على ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات على حرفين، مثل صه وتغ ومه، فذلك الذي يخفض وينون؛ لأنه متحرك الأول، ولسنا مضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهها، فخفض بالنون، كذا في التهذيب.
وقال ابن الأنباري، من قال: أفا لك، نصبه على مذهب الدعاء، كما يقال، ويلا للكافرين، ومن قال: أف لك، رفعه باللام كما يقال ويل للكافرين ومن قال أف لك خفضه على التشبيه بالأصوات.
[كما يقال: صه ومه] (1).
وتخفف فيهما، أي في المنون وغيره، فيقال: أف أف، وأف وأف، وأفا وأف، فهذه ستة، وقرأ ابن عباس: " فلا تقل لهما أف " (2) خفيفة مفتوحة على تخفيف الثقلية، مثل رب، وقياسه التسكين بعد التخفيف، فيقال: أف، كطف، لأنه لا يجتمع ساكنان، لكنه ترك على حركته ليدل على أنها ثقيلة خففت، وأف، مشددة الفاء بالجمع بين الساكنين، وهو جائز عند بعض القراء، كما مر بحثه في قوله تعالى: " فما اسطاعوا " (3) في " طوع " فراجعه، وأفى بغير إمالة، وأفي بالإمالة المحضة، وقد قرئ به أفي بالإمالة بين بين، وقد قرئ به أيضا والألف في الثلاثة للتأنيث وأفي، بكسر الفاء أي بالإضافة، وأفوه بضم الهمزة والفاء المشددة المضمومة وتسكين الواو والهاء، وفيه أيضا الجمع بين الساكنين، وأفه، بالضم، مثلثة الفاء مشددة، فهذه ثلاثة أوجه، أفه وأفه وأفه، الأولى نقلها الجوهري وتكسر الهمزة مع تثليث الفاء المشددة فهي أيضا أوجه ثلاثة، الأولى نقلها ابن بري عن ابن القطاع، وإف كمن، وإف مشددة أي: مع كسرة الهمزة وفيه أيضا الجمع بين الساكنين، وإف، بكسرتين مخففة، وإف (4) منونة مخففة مع كسر الهمزة إف مشددة مع كسر الهمزة وتثلث هذه، أي مع التنوين، فهي أوجه ثلاثة، وقرأ عمرو بن عبيد: " فلا (5) تقل لهما إف " بكسر الهمزة وفتح الفاء، وإف، بضم الفاء مشددة أي مع كسر الهمزة، وإفا كإنا، وإفى، بالإمالة، وإفى، بالكسر، أي بالإضافة إلى نفسه، قاله ابن الأنباري، وتفتح (6) الهمزة، أي في الوجه الأخير ويحتمل أن يكون المراد به فتح الهمزة في كل من إف وإفا وإفى وإفي، فتكون الأوجه أربعة، وأف، كعن، وأف، مشددة الفاء مكسورة، وآف، ممدودة، وأف مقصورا، وآف ممدودا - منونتين، فهذه أربعة وأربعون وجها حسبما بيناه، وأعلمنا عليه (7)، وعلى الاحتمال الذي ذكرناه يكون سبعا وأربعين وجها، فقول المصنف أولا: ولغاتها أربعون. محل نظر يتأمل له.
وقد فاته أيضا من لغاتها أفة، محركة، وأفوه، بفتح فضم فسكون الواو والهاء، وأفة بفتح فتشديد، الأخير نقله ابن بري عن ابن القطاع، فإذا جمعناها مع ما قبلها من الأوجه يتحصل لنا خمسون وجها.
وأما بيت ابن مالك - المتضمن العشرة منها - الذي وعدنا به سابقا، فهو هذا:
فأف ثلث ونون إن أردت وقل * أفا وأفى وأفة تصب وقد ذيلت عليه ببيتين جمعت فيهما ما بقي من لغاته لا على وجه الاستيعاب، فقلت:
وأف آف أف أفا وأف وأف * وإف وأفى أمل واضمم مع النسب إف وأفه وثلث فاءه وإف * إفا يليه أف مع إف فاحتسب فالبيت الأول يتضمن ثلاثة عشر وجها، وذلك فإن المراد بأفى إمالة بين بين، وقولي: أمل، أي إمالة خالصة، وقولي: واضمم، إشارة إلى الضم في الممالين بين بين