زنيا في الكعبة، فمسخا، فنصبا عند الكعبة، فأمر عمرو بن لحي بعبادتهما، ثم حولهما قصي، فجعل أحدهما بلصق البيت، والآخر بزمزم، وكانت الجاهلية تتمسح بهما.
وأما كونهما من جرهم، فقال أبو المنذر هشام بن محمد: حدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهم، أن إسافا: رجل من جرهم، يقال: إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيد، من جرهم، وكان يتعشقها من أرض اليمن، فأقبلا حاجين، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس، وخلوة من البيت، ففجرا، فمسخا، فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين، فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما، فعبدتهما خزاعة وقريش، ومن حج البيت بعد من العرب.
قال هشام: إنما وضعا عند الكعبة ليتعظ بهما الناس، فلما طال مكثهما، وعبدت الأصنام، عبدا معها، وكان أحدهما بلصق الكعبة، ولهما يقول أبو طالب - وهو يحلف بهما حين تحالفت قريش، على بني هاشم -:
أحضرت عند البيت رهطي ومعشري * وأمسكت من أثوابه بالوصائل وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم * بمفضى السيول من إساف ونائل (1) فكانا على ذلك إلى أن كسرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فيما كسر من الأصنام.
قال: ياقوت: وجاء في بعض أحاديث مسلم أنهما كانا بشط البحر، وكانت الأنصار في الجاهلية تهل لهما، وهو وهم، والصحيح أن التي كانت بشط البحر مناة الطاغية.
وإساف بن أنمار، وإساف ابن نهيك، أو هو نهيك بن إساف، ككتاب ابن عدي الأوسي الحارثي: صحابيان، الصواب أن الأخير له شعر ولا صحبة له، كما في معجم الذهبي.
وأسفه: أغضبه، هكذا في سائر النسخ، من حد ضرب، والصواب: آسفه بالمد، كما في العباب، واللسان، ومنه قوله تعالى (فلما آسفونا انتقمنا منهم) (2) أي أغضبونا.
ويوسف، وقد يهمز، وتثلث سينهما أي: مع الهمز وغيره، ونص الجوهري: قال الفراء: يوسف ويوسف ويوسف، ثلاث لغات، وحكى فيه الهمز أيضا، انتهى.
وقرأ طلحة بن مصرف: (لقد كان في يؤسف) (3) بالهمز وكسر السين، كما في العباب، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام يوسف بن عبد الله بن سلام، أجلسه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، وسماه ومسح رأسه، ويوسف الفهري، روى عنه ابنه يزيد في قصة جريح، بخبر باطل: صحابيان.
وأما يوسف الأنصاري الذي روى له ابن قانع في معجمه، فالصواب فيه سهل بن حنيف.
وتأسف عليه: تلهف، وقد تقدم عن ابن الأنباري ما فيه غنية عن ذكره ثانيا.
وقال أحمد بن حواس: كان ابن المبارك يتأسف على سفيان الثوري، ويقول: لم لم أطرح نفسي بين يدي سفيان؟ ما كنت أصنع بفلان وفلان؟:
* ومما يستدرك عليه:
رجل أسفان وآسف، كحنان، وناصر: محزون وغضبان، وكذلك الأسيف.
والأسيف أيضا: الأسير، وبه فسر قول الأعشي:
أرى رجلا منهم أسيفا كأنما * يضم إلى كشحيه كفا مخضبا يقول: هو أسير قد غلت يده، فجرح الغل يده (4).
والأسيفة: الأمة.
وآسفه: أحزنه.
وتأسفت يده: تشعثت، وهو مجاز.