أ: قوله: إن الخطيب، وابن عساكر، ونفس الرحمان لم يذكروا الشهود، ليس في محله، كما يعلم بالمراجعة.
ب: إن ما ذكره حول توصيف أبي بكر الصديق صحيح، وقد تحدثنا في كتابنا هذا: أن تلقيبه بهذا اللقب، لا يصح لا في الاسراء والمعراج، ولا في أول البعثة، ولا في قضية الغار، حسب اختلاف الدعاوى. وذكرنا هناك: أن الظاهر: هو أن هذا اللقب قد خلع عليه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بمدة ليست بالقصيرة.
ونضيف إلى ذلك: أنه إن كان أبو بكر نفسه قد كتب هذه الكلمة على كتاب عتق سلمان، فنقول:
إن من غير المألوف أن يطلق الانسان على نفسه ألقاب التعظيم والتفخيم. بل إن الانسان العظيم، الذي يحترم نفسه، يعمد في موارد كهذه إلى إظهار التواضع والعزوف عن الفخامة والأبهة.
وإن كان الآخرون هم الذين اطلقوا عليه لقب (الصديق)، وأضافوه إلى الكتاب من عند أنفسهم، تكرما وحبا ورغبة في تعظيمه، وتفخيمه.
فذلك يعني: أنهم قد تصرفوا بالكتاب، وأضافوا إليه ما ليس منه، دون أن يتركوا أثرا يدل على تصرفهم هذا، وهو عمل مدان، ومرفوض، إن لم نقل إنه مشين، لا سيما وأنهم أهملوا صديقه عمر بن الخطاب، فلم يصفوه بالفاروق كما أهملوا غيره أيضا.
ولا يفوتنا التذكير هنا: بأن النوري قد أورد الكتاب في نفس الرحمان عن تاريخ كزيده وليس فيه وصف أبي بكر ب (الصديق)، بل وصفه ب (ابن أبي قحافة). وهو الأنسب، والأوفق لظاهر الحال.
ج: وأما قولهم: إن أبا ذر لم يكن قد قدم المدينة حينئذ، لأنه إنما قدمها بعد الخندق.