تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد... " (1).
وقد تمكن هذان الإمامان من وضع الأسس العامة للاجتهاد الصحيح، كالقواعد الأصولية، مثل: الاستصحاب، والبراءة، والاحتياط، وأحكام التعارض بين الأخبار، والتسامح، ونفي الضرر ونحو ذلك، وكالقواعد الفقهية، مثل: قاعدة اليد، وسوق المسلمين، والضمان، والإتلاف، وأصالة الصحة (حمل فعل المسلم على الصحيح) وعشرات بل مئات القواعد الأخرى.
ولم يكتف الأئمة بذلك، بل كانوا يدربون تلامذتهم على الاستنباط والاجتهاد الصحيح، فقد روي عنهم عليهم السلام قولهم: " علينا إلقاء الأصول، وعليكم التفريع " (2).
وهكذا أخذ الفقه الإمامي يتسع رغم تزايد الضغوط بعد الإمام الصادق عليه السلام بحيث كان من الصعب التوصل إلى الأئمة لأخذ العلم عنهم، ورغم ما كانت تبذله السلطات من جهود متواصلة لإبعاد الناس عن أبواب الأئمة عليهم السلام، وكان من جملتها تأييد المتفقهة المخالفين لهم، وإرجاع عامة الناس إليهم.
انتهى دور الحضور ولم يتجاوز التفكير الفقهي الإمامي حدود تفسير النصوص التي جمعها أصحاب الأئمة في أصولهم الروائية، واستمر الأمر كذلك حتى اتسعت دائرة التفكير الفقهي شيئا فشيئا، وأخذت الكتب الفقهية تستقل عن كتب الحديث، فكتبت المجاميع الحديثية