بل في كلام بعض من قارب عصرنا أن الإجماع والأخبار متطابقان على أن حقيقة الغيبة أن يذكر الغير بما يكره لو سمعه، سواء كان بنقص في نفسه أو بدنه، أو دينه أو دنياه، أو في ما يتعلق به من الأشياء (1).
وظاهره أيضا إرادة الكلام المكروه.
وقال الشهيد الثاني في كشف الريبة: إن الغيبة ذكر الإنسان في حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص والذم (2).
ويخرج على هذا التعريف ما إذا ذكر الشخص بصفات ظاهرة يكون وجودها نقصا مع عدم قصد انتقاصه بذلك، مع أنه داخل في التعريف عند الشهيد رحمه الله أيضا، حيث عد من الغيبة ذكر بعض الأشخاص بالصفات المعروف بها، كالأعمش والأعور، ونحوهما. وكذلك ذكر عيوب الجارية التي يراد شراؤها إذا لم يقصد من ذكرها إلا بيان الواقع، وغير ذلك مما ذكره هو وغيره من المستثنيات.
ودعوى أن قصد الانتقاص يحصل بمجرد بيان النقائص، موجبة لاستدراك ذكره بعد قوله: " مما يعد نقصا ".
والأولى بملاحظة ما تقدم من الأخبار وكلمات الأصحاب - بناء على إرجاع " الكراهة " إلى الكلام المذكور به، لا إلى الوصف - ما تقدم من أن الغيبة أن يذكر الإنسان بكلام يسوؤه، إما بإظهار عيبه المستور وإن لم يقصد انتقاصه، وإما بانتقاصه بعيب غير مستور،