من الكتاب الكريم والسنة النبوية المودعة عند أئمتهم عليهم السلام.
ولم تتسع هوة الخلاف بين الاتجاهين بصورة كاملة في الصدر الأول لعاملين، وهما: قرب العهد بعصر النصوص، وعدم اعتماد الاتجاه الآخر على الأصول المرفوضة لدى أئمة أهل البيت عليهم السلام كثيرا، بل كانت فتاوى الإمام علي عليه السلام هي المرجع الوحيد في ما يستجد من قضايا وأحداث كان يعجز الآخرون عن بيان حكمها الشرعي، فهذا عبد الرزاق يحدثنا في مصنفه عن نافع مولى ابن عمر، عن أسلم مولى عمر: أن رجلا سأل عمر عن بيض النعام يصيبه المحرم، فقال له عمر: أرأيت عليا؟ فاسأله، فإنا قد أمرنا أن نشاوره (1).
ومع ذلك كله نرى - ومع الأسف - أن الفقه المنقول عن غيره في كتب العامة أكثر مما هو منقول عنه، والأسباب غير خفية على المتأمل.
وعلى أي حال، فقد تجسد هذا الاستقلال بوضوح أيام الإمامين:
الباقر والصادق عليهما السلام حيث سمحت لهما الظروف بإظهار فقه أهل البيت عليهم السلام، لأنهما عاشا الفترة الانتقالية للحكم من الأمويين إلى العباسيين، فقد كثر تلامذتهما، واشتهر أن تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام كانوا أكثر من أربعة آلاف، انتشروا في البلاد الإسلامية، وكان أكثر تمركزهم في مدرستي المدينة والكوفة، فقد روي عن الحسن بن علي الوشاء قوله: " لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإني أدركت في هذا المسجد - أي مسجد الكوفة -