والترجيع والتحسين لا يوجب الحرمة قطعا، لما مر وسيجئ.
فتبين من جميع ما ذكرنا أن المتعين حمل " المطرب " في تعريف الأكثر للغناء على الطرب بمعنى الخفة، وتوجيه كلامهم: بإرادة ما يقتضي الطرب ويعرض له بحسب وضع نوع ذلك الترجيع، وإن لم يطرب شخصه لمانع، من غلظة الصوت ومج (1) الأسماع له.
ولقد أجاد في الصحاح حيث فسر الغناء بالسماع، وهو المعروف عند أهل العرف، وقد تقدم في رواية محمد بن أبي عباد - المستهتر بالسماع - (2).
وكيف كان، فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو، فإن اللهو كما يكون بآلة من غير صوت - كضرب الأوتار ونحوه - وبالصوت في الآلة - كالمزمار والقصب ونحوهما - فقد يكون بالصوت المجرد.
فكل صوت يكون لهوا بكيفيته ومعدودا من ألحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرام، وإن فرض أنه ليس بغناء. وكل ما لا يعد لهوا فليس بحرام، وإن فرض صدق الغناء عليه، فرضا غير محقق، لعدم الدليل على حرمة الغناء إلا من حيث كونه باطلا ولهوا ولغوا وزورا.
ثم إن " اللهو " يتحقق بأمرين:
أحدهما - قصد التلهي وإن لم يكن لهوا.
والثاني - كونه لهوا في نفسه عند المستمعين وإن لم يقصد به