وأما المزج والخلط بما لا يخفى فلا يحرم، لعدم انصراف " الغش " إليه، ويدل عليه - مضافا إلى بعض الأخبار المتقدمة -: صحيحة ابن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام: " أنه سئل عن الطعام يخلط بعضه ببعض، وبعضه أجود من بعض، قال: إذا رؤيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردئ " (1).
ومقتضى هذه الرواية - بل رواية الحلبي الثانية (2)، ورواية سعد الإسكاف (3) - أنه لا يشترط في حرمة الغش كونه مما لا يعرف إلا من قبل البائع، فيجب الإعلام بالعيب غير الخفي، إلا أن تنزل الحرمة - في موارد الروايات الثلاث - على ما إذا تعمد الغش برجاء التلبس (4) على المشتري وعدم التفطن له وإن كان من شأن ذلك العيب أن يتفطن له، فلا تدل الروايات على وجوب الإعلام إذا كان العيب من شأنه التفطن له، فقصر المشتري وسامح في الملاحظة.
ثم إن غش المسلم إنما هو ببيع المغشوش عليه مع جهله، فلا فرق بين كون الاغتشاش بفعله أو بغيره، فلو حصل اتفاقا أو لغرض فيجب الإعلام بالعيب الخفي.
ويمكن أن يمنع صدق الأخبار المذكورة إلا على ما إذا قصد التلبيس، وأما ما هو ملتبس في نفسه فلا يجب عليه الإعلام.