الثالث فيما استثني من الغيبة وحكم بجوازها بالمعنى الأعم فاعلم أن المستفاد من الأخبار المتقدمة وغيرها أن حرمة الغيبة لأجل انتقاص المؤمن وتأذيه منه، فإذا فرض هناك مصلحة راجعة إلى المغتاب - بالكسر، أو بالفتح، أو ثالث - دل العقل أو الشرع على كونها أعظم من مصلحة احترام المؤمن بترك ذلك القول فيه، وجب كون الحكم على طبق أقوى المصلحتين، كما هو الحال في كل معصية من حقوق الله وحقوق الناس، وقد نبه عليه غير واحد.
قال في جامع المقاصد - بعد ما تقدم عنه في تعريف الغيبة -:
إن ضابط الغيبة المحرمة: كل فعل يقصد به هتك عرض المؤمن، أو التفكه به، أو إضحاك الناس منه، وأما ما كان لغرض صحيح فلا يحرم، كنصح المستشير، والتظلم وسماعه، والجرح والتعديل، ورد من ادعى نسبا ليس له، والقدح في مقالة باطلة خصوصا في الدين (1)، انتهى.
وفي كشف الريبة: اعلم أن المرخص في ذكر مساءة الغير هو غرض صحيح في الشرع لا يمكن التوصل إليه إلا به (2)، انتهى (3).