ثم إن المرسلة - المتقدمة عن الفقيه (1) - دلت على كراهة كسب الماشطة مع شرط الأجرة المعينة، وحكي الفتوى به (2) عن المقنع وغيره (3).
والمراد بقوله عليه السلام: " إذا قبلت ما تعطى " (4) البناء على ذلك حين العمل، وإلا فلا يلحق العمل بعد وقوعه ما يوجب كراهته.
ثم إن أولوية قبول ما يعطى وعدم مطالبة الزائد:
إما لأن الغالب عدم نقص ما تعطى عن أجرة مثل العمل، إلا أن مثل الماشطة والحجام والختان - ونحوهم - كثيرا ما يتوقعون أزيد مما يستحقون - خصوصا من أولي المروءة والثروة - وربما يبادرون إلى هتك العرض إذا منعوا، ولا يعطون ما يتوقعون من الزيادة - أو بعضه - إلا استحياء وصيانة للعرض. وهذا لا يخلو عن شبهة، فأمروا في الشريعة بالقناعة بما يعطون وترك مطالبة الزائد، فلا ينافي ذلك جواز مطالبة الزائد والامتناع عن قبول ما يعطى إذا اتفق كونه دون أجرة المثل.
وإما لأن المشارطة في مثل هذه الأمور لا يليق بشأن كثير من