إليه كتاب علي فقرأه حتى أتى إلى آخره ثم دفع إليه كتاب ابن أخته، فإذا فيه أبيات مطلعها:
جرير بن عبد الله لا تردد الهدى * وبايع عليا إنني لك ناصح (1) إلى آخرها.
قال (2): فعندها وثب جرير وأخذ كتاب علي في يده، ثم خرج إلى الناس فنادى فيهم فاجتمعوا، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس!
هذا كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما حمد الله عليه، وقد بايعه المهاجرون والأنصار، وأنتم التابعون بإحسان، ولو جعل هذا الامر شورى بين المسلمين لكان أحق الناس بهذا الامر لمصاهرته وقرابته وخدمته وشجاعته وهجرته، غير أن البقاء في الجماعة والعناء في الفرقة، وعلي حاملكم على الحق ما استقمتم، فإن ملتم أقام ميلكم، فهاتوا ما عندكم من الرأي! فقال الناس: سمعنا وأطعنا ورضينا وبايعنا أمير المؤمنين عليا.
قال: ثم ركب رجل من عنزة (3) رافعا صوته وهو يقول شعرا.
قال (4): ثم وثب زحر بن قيس رسول علي بن أبي طالب حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن عليا أمير المؤمنين قد كتب إليكم كتابا لا يقال بعده إلا رجيع من القول، ولكن لابد من رد الكلام، وقد بايع الناس عليا