دمائنا وأموالنا بغير حق، ثم إنك منعت العطاء عن الذين نفيتهم حتى ماتوا في بلاد الغربة بعيدين عن أولادهم وأعزائهم، ولم يجدوا كفنا عند موتهم، وإن هم وجدوا فكان من باب الصدقة عليهم؟
فقال عثمان: إن الذين أخرجتهم من أوطانهم وأرسلتهم إلى نواح أخرى بسبب مصلحة رأيتها، فقد كان ذلك الشخص يسيء لي القول باستمرار، ويحرض الناس علي، فرأيت أن يقيم في مكان آخر. ولو تركتهم في أماكنهم فإنهم سيثيرون علي الناس وينشرون الفرقة بين المسلمين، فإن كان هذا ذنبا فلست بأول وال يدفع الإساءة عن نفسه بمثل هذا الذي تعتبرونه ذنبا علي. ولئن مات واحد من هؤلاء في الغربة فإن الله يحكم بيننا وإن رأيتم شخصا في حال الاغتراب وترونني مذنبا بإبعاده فابعثوا إليه وليحضر. وإن كنت قد ضربت أحدا ظلما فخذوا مني القصاص.
فقالوا: إن عمار بن ياسر هو أول شخص سيقتص منك.
فقال أمير المؤمنين: إن سبب ضرب عمار هو أنه تعجل وعبس في وجهي ونعتني بالظلم ولم يحفظ حرمتي. والآن الامر سهل. قولوا له: ليأت وليقتص مني (1).
أما قولكم عن عمالي فإن ترون أحدا منهم يعامل الرعية بصورة سيئة فاعزلوه، وأما من وجدتموه مستقيما وعادلا فأقروه في عمله إن شئتم. ثم قالوا: ما قولك في الأموال التي هي أموال عامة وقد وزعتها بين أقاربك وأهل بيتك؟
فقال: إن أمير المؤمنين عمر كان يتصرف هكذا: فقد كان يرجح في العطاء أهل الفضل والسابقة. فقالوا: يا عدو الله. إن أعطيات عمر لا تبلغ واحدا من مائة مما أعطيت (ومعنى هذا الكلام أن أسرفت جدا).
فقال لهم: حاسبوني ثم انظروا ما وهبته كم يبلغ وإني أتعهد أن أؤديه من مالي فإن بقي منه شيء أتعهد بسداده.
أيها المسلمون: لماذا تريدون قتلي؟ تجاوزوا عن هذا فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: