قال: فأقبل علي إلى عثمان ومعه وجوه القوم وأشرافهم، فلما دخلوا عاتبوه فأعتبهم من كل ما كرهوا (1)، فقالوا: اكتب لنا بذلك كتابا وأدخل لنا في هذا الضمان عليا بالوفاء لنا بما في كتابنا، فقال عثمان: اكتبوا ما أحببتم وأدخلوا في هذا الضمان من أردتم، قال: فكتبوا: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله عثمان بن عفان أمير المؤمنين لجميع من نقم عليه من أهل البصرة والكوفة وأهل مصر، أن لكم علي أن أعمل فيكم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن المحروم يعطى والخائف يؤمن والمنفي يرد، وأن المال يرد على أهل الحقوق، وأن يعزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أهل مصر ويولى عليهم من يرضون).
قال فقال أهل مصر: نريد أن تولي علينا محمد بن أبي بكر، فقال عثمان:
لكم ذلك، ثم أثبتوا في الكتاب: (وأن علي بن أبي طالب ضمين للمؤمنين بالوفاء لهم بما في هذا الكتاب، شهد على ذلك الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وسهل بن حنيف وأبو أيوب خالد بن زيد، وكتب في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين).
قال: فأخذ أهل مصر كتابهم وانصرفوا ومعهم محمد بن أبي بكر أميرا عليهم، حتى إذا كانوا على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة (2) وإذا هم بغلام أسود (3) على بعير له يخبط خبطا عنيفا فقالوا: يا هذا! اربع قليلا ما شأنك؟ كأنك هارب أو طالب، من أنت؟ فقال: أنا غلام أمير المؤمنين عثمان وجهني إلى عامل مصر، فقال له رجل منهم: يا هذا! فإن عامل مصر معنا، فقال: ليس هذا الذي أريد، فقال محمد بن أبي بكر: أنزلوه عن البعير، فحطوه فقال له محمد بن أبي بكر: اصدقني غلام من أنت؟ قال: أنا غلام أمير المؤمنين (4)، قال: فإلى من أرسلت؟ قال: إلى عبد الله بن سعد عامل مصر، قال: وبماذا أرسلت؟ قال: برسالة، قال محمد بن