عثمان: اللهم أشهد! ثم قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو. هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر ذات يوم في وجوه أصحابه وذلك في يوم جيش العسرة فقال: (من جهز هؤلاء غفر الله له)، فجهزتم حتى ما فقدوا خطاما ولا عقالا (1)؟ فقالوا (2):
قد كان كل الذي ذكرت ولكنك غيرت وبدلت، فقال عثمان: يا سبحان الله! ألستم تعلمون أنكم دعوتم الله ربكم يوم توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يختارني لكم؟ قالوا: بلى، قال عثمان: فما ظنكم بالله تبارك وتعالى أتقولون إنه لم يستجب لكم وهنتم عليه؟ أم تقولون إنه هان عليه هذا الدين فلم يبال من ولاه أمره؟ أم تقولون إن الله لم يعلم ما في عاقبة أمري حين كنت في بعض أمري محسنا ثم إني أحدثت من ذلك ما أسخط الله عز وجل؟ فهل لا عافاكم الله؟ فقد تعلمون ما لي من الفضائل الشريفة والسوابق الجميلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتدعوا عما قد أزمعتم عليه من قتلي (3)، فإنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يرفعه الله عز وجل عنكم أبدا إلى يوم القيامة، فاتقوا الله فإني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه مفاتيح بيوت أموالكم ادفعوها إلى من شئتم وأمروا على أمصاركم من أحببتم وأنتم معتبون من كل ما ساءكم، وأما ما ادعيتم علي أني كتبت فيكم فهاتوا بينتكم، وإلا فأنا أحلف لكم بالله العظيم أني ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به، قال: فنادته قوم من المصريين: يا هذا إننا قد اتهمناك فاعتزلنا وإلا قتلناك.
قال: فسكت عثمان وتكلم زيد بن ثابت وكان إلى جانب عثمان، فقال: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) (4)، قال:
فصاح به الناس: يا زيد! إن عثمان قد أشبعك من أموال الأرامل ولابد لك من نصره.
قال: فنزل عثمان من موضعه ذلك إلى داره واقبل إليه عبد الله بن سلام فقال: