ودعوى معارضة الاطلاق المزبور باطلاق ما دل على أن الاستغفار كفارة العاجز كما سمعته في خبر داود بن فرقد (1) كما ترى، ضرورة قصوره عن تلك الاطلاقات كتابا (2) وسنة (3) كما هو واضح.
هذا وفي المسالك " واعلم أن المراد بالاستغفار في هذا الباب ونظائره أن يقول: أستغفر الله مقترنا بالتوبة التي هي الندم على فعل الذنب والعزم على ترك المعاودة إلى الذنب أبدا، ولا يكفي اللفظ المجرد عن ذلك، وإنما جعله الله كاشفا عما في القلب، كما جعل الاسلام باللفظ كاشفا عن القلب، واللفظ كاف في البدلية ظاهرا، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن لم يقترن بالتوبة التي هي من الأمور الباطنة لم يترتب عليه أثر فيما بينه وبين الله تعالى، بل كان الوطء معه كالوطء قبل التكفير، فيجب عليه به كفارة أخرى في نفس الأمر وإن لم يحكم عليه بها ظاهرا ".
قلت: قد يقال: إن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى، وليست التوبة من مقوماته، نعم ظاهر الموثق (4) المزبور اعتبارها معه، لكن الفتاوى مطلقة، ودعوى الاجتزاء بذكره عنها لأن المراد به القول المزبور مقترنا بها ممنوعة، وعلى تقديره فدعوى جعل الشارع له كاشفا عن ذلك كالاسلام ممنوعة أيضا، لعدم الدليل، وإلا لاجتزء به في كل مقام اعتبرت التوبة فيه، بل الأصح عدم الاجتزاء في الحكم بها باظهاره فضلا عنه ما لم تدل القرائن على صدقه في ذلك، كما حررنا ذلك في غير المقام ردا على المحكي عن الشيخ من الاجتزاء بمجرد إظهارها.