إلى أن يخرج الوقت أو مخففة له من حيث افتقار سقوطه رأسا إلى التوبة ".
وفيه أن من المعلوم إرادة التمييز في الجملة من التعريف المزبور الذي هو أشبه شئ بتعاريف أهل اللغة، كما أن من المعلوم أيضا إرادة الخصوصية المخصوصة التي لا وجود لها في التوبة وقضاء العبادة، لا جنس الخصوصية، كما هو واضح.
ثم لا يخفى عليك أن الأمر بالكفارة من حيث هو كذلك لا يقتضي الفور، إذ هو كغيره من الأوامر المطلقة التي قد حققنا في الأصول عدم دلالتها على الفور، نعم قد يكون متعلقها حقا للفقراء مثلا يجب أداؤه فورا كغيره من الحقوق المالية نحو الزكاة مثلا، للأدلة (1) الدالة على ذلك، هذا.
ولكن في المسالك " واعلم أن الكفارات الواجبة إن لم تكن عن ذنب ككفارة قتل الخطأ فوجوبها على التراخي، لأن مطلق الأمر لا يقتضي الفور على أصح القولين، وإن كانت مسقطة للذنب أو مخففة له ففي وجوبها على الفور وجهان: من أنها في معنى التوبة من حيث كانت مسقطة للذنب أو محففة له، والتوبة واجبة على الفور، ومن أصالة عدم وجوب الفورية، ولا يلزم من مشاركتها للتوبة في ذلك مساواتها لها في جميع الأحكام، فإنها في الأصل حق مالي أو بدني، وفي نظائرها من العبادات والحقوق ما يجب على الفور، ومنها ما لا يجب على الفور، ومنها ما لا يجب، وأصل وجوبه متوقف على دليل يقتضيه غير أصل الأمر، وأطلق بعضهم وجوبها على الفور مستدلا بأنها كالتوبة الواجبة لذلك، لوجوب الندم على كل قبيح أو إخلال بواجب، ولا يخفى فساده على إطلاقه، فإن منها ما ليس مسببا عن قبيح، ثم على تقدير فعلها لا يكفي في إسقاط استحقاق العقاب حيث يكون عن ذنب، بل لا بد معها