وحينئذ فلا بد للقرعة من رقاع ثلاثة: إحداها للأولى والثانية للأخيرتين والثالثة للثالثة خاصة، فإن خرجت أولا رقعة الأولى خاصة حكم بطلاقها، ثم إن خرجت رقعة الثالثة المكتوب فيها اسمها خاصة حكم بالاحتمال الأول وطلقت، وإن خرجت الرقعة الجامعة حكم بعطف الثالثة على الثانية وبقائهما على النكاح، وإن خرجت أولا الرقعة الجامعة حكم بعطفها عليها وطلاقهما معا، ولا يحتاج إلى إخراج رفعة أخرى، وإن خرج أولا رقعة الثالثة حكم بطلاقها وبقي الاشتباه بين الأولى والجامعة، فإن خرجت الأولى حكم بطلاقها أيضا، وإن خرجت الجامعة حكم بطلاق الثانية منها، وبقاء الأولى على النكاح.
وقد يشكل ذلك بأن مرجع هذا الاقراع إلى تفسير المراد باللفظ التابع لدلالته، إذ لا يعلم قصده العطف على الأخيرة أو على أحدهما المطلقة، وليست القرعة طريقا لمثل ذلك، بل متى كان الاشتباه من حيث قيام الاحتمالين في الدلالة الذي على فرض أحدهما يكون من الابهام بخلاف الآخر يتوقف ويرجع إلى الأصول وإن كانت، وليست القرعة طريقا لبيان دلالة الألفاظ، وإنما هي للفرد المشتبه ظاهرا أو للأعم منه ومن المشتبه واقعا، كما في صورة قصد الابهام، بخلاف الفرض الذي لم يعلم فيه قصد الابهام بسبب احتمال إرادة العطف على إحداهما، وإلا لرجع إلى القرعة في تعيين أحد المجازات مع العلم بعدم إرادة الحقيقة وفرض عدم الترجيح، وفي تعيين المراد باللفظ الانشاء أو الإخبار ونحو ذلك، وكأنه " ره " نظر إلى نفس الاشتباه في المطلقة مع قطع النظر عن أن منشأه الدلالة، والأمر سهل.
هذا وقد صرح غير واحد بأنه ليس له تعيين إحدى الأخيرتين بناء على قول ابن إدريس، لأن الفرض كونهما معا قسما مقابلا للأولى كما هو واضح، لكن قد يقال: إنه مبني على صحة طلاق المجموع من حيث إنه كذلك على وجه يقتضي بطلان الطلاق في البعض ولو بفوات شرط من شرائط الطلاق البطلان في الباقي،