نعم لو قيل في مثل ذلك بوجوب مراعاة الأقراء وإن طالت المدة اتجه حينئذ الاقتصار على ما في الخبر المزبور نظرا إلى الأولوية التي ليست من القياس الباطل.
ومن الغريب ما في المسالك، فإنه بعد أن أطنب في المقام وأشكل العمل بالخبرين (1) المزبورين من وجوه قال: " ولو قيل بالاكتفاء بالتربص مدة يظهر فيها انتفاء الحمل كالتسعة من غير اعتبار مدة أخرى كان وجها " ضرورة منافاة ذلك للقاعدة المزبورة، ولما يأتي من عدم وجوب التربص تسعة في مستريبة الحمل، نعم لا بأس بذلك على ضرب من الندب للاحتياط والاستظهار، وإن كان لا محيص عن العمل بخبر سورة (2) لاعتضاده بفتوى المشهور، فالمتجه الاقتصار عليه في تقييد القاعدة المزبورة من غير تعد لغيره على وجه يجعل عنوانا لمطلق المسترابة إذا رأت الدم في دون الثلاثة أشهر ثم ارتفع حيضها ولو لعارض معلوم من عادة ونحوها، كما وقع من غير واحد، ضرورة زيادة ذلك على مقتضى الدليل المزبور، فيكون تقييدا للقاعدة بغير مقيد، كما أن المتجه جعل الجميع فيه عدة للموضوع المفروض من حيث كونها كذلك وإن بان بعد ذلك كونها غير حامل، لا أنها خصوص الثلاثة بعد التسعة.
(ولو رأت الدم مرة ثم بلغت اليأس أكملت العدة بشهرين) بلا خلاف أجده فيه، لخبر هارون بن حمزة (3) عن أبي عبد الله عليه السلام " في امرأة طلقت وقد طعنت في السن فحاضت حيضة واحدة ثم ارتفع حيضها، فقال: تعتد بالحيض وشهرين مستقبلين، فإنها قد يئست من المحيض " ولما سمعته سابقا من النص (4) الدال على أن لكل شهر حيضة، بل ذلك هو الحكمة في قيام الأشهر مقام الأقراء عند تعذرها على المعتاد، وحينئذ فهي بدل عنها، من غير فرق بين تعذر الجميع أو البعض،