تتربص تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة، كما هو قضية الخبر الأول، وذلك إن لم تر دما في الثلاثة بعد التسعة، فإن رأت دما في آخر الثلاثة أي آخر السنة لم يكن بد من التربص ثلاثة أخرى، لتمر عليها بيضا، أو مع الدم الثالث، فليحمل الخبر الثاني عليه، لأن السائل إنما ذكر أنها لم تحض في السنة ثلاثا - قال -: فاندفع ما في الشرائع من أنه تحكم من غير ابتناء على أن السنة أقصى مدة الحمل كما في النكت " إلا أنه لا يخفى عليك ما فيه، ضرورة عدم ذكره ما يقتضي رفع التحكم الذي منشأه عدم إشعار الخبر المزبور بل ولا غيره باحتباس الدم الثالث الذي لا يناسبه إطلاق اعتبار الثلاثة أشهر، لامكان إثباته قبل مضيها، على أن الأشهر البيض قد مرت في ضمن التسعة، واحتمال الحمل لا ينافي الاعتداد بكونها عدة معلومية العدم بانقضاء التسع أو السنة، على أن احتباس الثاني أو الثالث لا مدخل له في هذه الأحكام، لأن احتمال الحمل يوجب فساد اعتبار الاثنين، كما يوجب فساد الواحدة وأقصى الحمل مشترك بين جميع أفراد النساء بالتسعة أو السنة أو غيرهما، فالفرق بين جعل مدة التربص للعلم بالبراءة من الحمل سنة تارة وتسعة أخرى يرجع إلى التحكم إلا على احتمال تذكره في نصوص محمد بن حكيم (1) الآتية في دعوى الحبل إلى غير ذلك مما لا يخفى.
ومن هنا قال بعد ذلك: " وعلى كل من هذه الأقوال يخالف الحكم في هذه الصورة ما تبين سابقا من الاعتداد بأي الأمرين سبق من الأشهر الثلاثة البيض أو الأقراء الثلاثة، فالملخص أنها إن رأت الدم مرة أو مرتين ثم ارتفع لليأس لفقت بين العدتين، وإلا فإن استرابت بالحمل صبرت تسعة أشهر أو سنة أو خمسة عشر شهرا، وإلا اعتدت بأسبق الأمرين، وقريب منه قول القاضي إذا كانت المرأة ممن تحيض وتطهر وتعتد بالأقراء إذا انقطع عنها الدم لعارض من مرض أو رضاع لم تعتد بالشهور، بل تتربص حتى تأتي بثلاثة قروء وإن طالت مدتها، وإن انقطع لغير عارض ومضى لها ثلاثة أشهر بيض لم تر فيها دما فقد انقضت عدتها، وإن رأت