جواز نكاح الكتابية منطوقا ومفهوما كصحيح ابن وهب (1) وغيره المروي في الكافي والفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام (في الرجل المؤمن يتزوج النصرانية واليهودية، قال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقلت: يكون له فيها الهوى، فقال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه في دينه في تزويجه إياها غضاضة) ومنه يعلم الكراهة لمن يجد المسلمة في خبر محمد (2) عن أبي جعفر عليه السلام (لا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة) مضافا إلى إشعار لفظ (لا ينبغي) فيه، وإلى خبر عبد الله بن سنان (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية مخافة أن يتهود ولده أو يتنصروا).
فما عن أبي علي - من حرمة النكاح اختيارا والجواز اضطرارا للخبر المزبور وخبر حفص بن غياث (4) قال: (كتب إلي بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل، فسألته عن الأسير هل له أن يتزوج في دار الحرب؟ فقال: أكره ذلك فإن فعل في بلاد الروم فليس هو بحرام، وهو نكاح، وأما في الترك والديلم والخزر فلا يحل له ذلك " ونحوه، كخبر الخزاز (5) عنه عليه السلام - واضح الضعف، على أن خبر حفص لا صراحة فيه، بل ولا ظهور في اشتراط الاضطرار المزبور في الجواز، بل في الدلالة على عدمه أظهر، فيندرج حينئذ في أدلة المختار التي منها ما عرفت.