نكاح الكوافر واستدامته كما نص عليه المفسرون، فيشكل الحكم بكونه ناسخا لحل الكتابية، للاجماع على بقاء النكاح إذا أسلم زوج الذمية دونها وإن اختلفوا في جواز نكاحها ابتداء وعدمه، ولا تجدي أولوية المنع عن الابتداء بعد انتفاء حكم الأصل، نعم يصح جعل الآية ناسخة لو حمل الامساك على ما يعم الابتداء والاستدامة، لكنه خلاف المتبادر من اللفظ، ولذا لم يذكره المفسرون.
وأما النسخ بقوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) فيتوجه عليه منع دخول الكتابية في المشركة، لأن المتبادر من الشرك في إطلاق الشرع غير أهل الكتاب، كما يؤيده عطف المشركين على أهل الكتاب وبالعكس في كثير من الآيات (1) وهذا لا ينافي اعتقادهم ما يوجب الشرك، إذ ليس الغرض نفي الشرك عنهم، بل عدم تبادره من إطلاق لفظ المشرك، وادعاء النسخ بالآية لفهم العموم منها بالقرائن وإن كان ممكنا إلا أنه خلاف ظاهر الرواية الدالة على النسخ بها من غير التفات إلى قرائن العموم، فوجب حينئذ طرح ما دل على ذلك، أو تأويله. على أن خبر ابن الجهم ليس فيه إلا أنه تبسم وسكت، ويمكن أن يكون تبسمه على اشتباهه، خصوصا والإمام عليه السلام سأله عن تزويج النصرانية على المسلمة الظاهر في المفروغية من جواز نكاحها لا على مسلمة.
وأيضا صدر آية المائدة بقوله تعالى: (2) (اليوم أحل) إلى آخرها المراد منه بحسب الظاهر ما تعلق بالكتابيين، فإنه ظاهر في تجدد الحل ورفع الحرمة السابقة، فهو حينئذ كالصريح في أنه ناسخ لا منسوخ، على أنه لو أغضينا عن ترجيح ما ذكرناه، وقلنا: إن خبر الواحد لا يثبت به النسخ ولا الناسخ فلا أقل من التعارض، ولا ريب في أن التخصيص أولى من النسخ، وهو حاصل بتحكيم سورة المائدة.
هذا كله مضافا إلى موافقة ذلك للنصوص المستفيضة أو المتواترة الدالة على