الفسخ، ومن هنا أفتى الأصحاب في الحكم المزبور من غير إشكال فيه ولا تردد، نعم عن ابن الجنيد منهم إذا أريدت الفرقة لم يكن إلا عند من يجوز حكمه من والي المسلمين أو خليفته أو بمحضر من المسلمين إن كانا في بلاد هدنة أو سلطان متغلب، وكأنه مذاق العامة كما حكاه في جامع المقاصد عن بعض العامة وابن الجنيد منا.
بل يومئ إليه ما عن موضع من المبسوط (لسنا نريد بالفور أن له الفسخ بنفسه، وإنما نريد أن المطالبة بالفسخ على الفور، يأتي إلى الحاكم على الفور، ويطلب الفسخ، فإن كان العيب متفقا عليه فسخ الحاكم، وإن اختلفا فيه فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فأما الفسخ فإلى الحاكم، لأنه فسخ مختلف فيه - ثم قال -: ولو قلنا على مذهبنا أن له الفسخ بنفسه كان قويا، والأول أحوط، لقطع الخصومة) وظاهره أن الأول جار على مقتضى أصول العامة أو إذا كان المراد قطع الخصومة بتسجيل الحاكم فيما هو مختلف فيه، وكذا ما عنه في موضع آخر (لا يجوز أن يفسخ بغير حاكم، لأنه فسخ مختلف فيه) خصوصا مع ملاحظة تعليله، ولذا حكى عنه في موضع ثالث الجزم بأن للامرأة الاستقلال بالفسخ محتجا باطلاق الأخبار، وعلى كل حال فالوجه ما عرفت، فإن كان هو المراد لهم فمرحبا بالوفاق، وإلا كان منافيا لاطلاق الأدلة كما سمعت، والله العالم.
المسألة (الخامسة) (إذا اختلفا في العيب) فإن كان جليا كالعمى والجنون ونحوهما مما لم يحتج إلى إقامة بينة وإلى يمين نظر الحاكم فيه، وحكم بمقتضى ما ظهر له، وإن كان خفيا (فالقول قول منكره مع عدم البينة) كغيره من الدعاوي التي لا يخفى عليك جريان حكمها من رد اليمين والنكول ونحوهما في المقام الذي هو أحد أفرادها، والله العالم.