اليوم - الآية - ثم قال: نسخت هذه الآية قوله: ولا تنكحوا المشركات، وترك قوله: ولا تنكحوا المشركين على حاله لم ينسخ، لأنه لا يحل للمسلم أن ينكح المشرك، ويحل له أن يتزوج المشركة من اليهود والنصارى) فإنه وإن لم يسنده إلى حجة إلا أن الظاهر كونه مأخوذا عنهم عليهم السلام، كما يشهد به طريقة المحدثين وخصوصا فيما طريقه النقل من نقل متون الأخبار بحذف الاسناد كأنه من كلامهم.
ومن ذلك كله يظهر لك ما في المحكي عن جماعة من منع كون سورة المائدة محكمة، لاشتمالها على ما هو منسوخ، وعدوا منه قوله تعالى (1): (فاعف عنهم واصفح) وقوله تعالى (2): (ما على الرسول إلا البلاغ) وقوله تعالى (3): (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) فإنها جميعا منسوخة بآية السيف، وهي قوله تعالى (4): (واقتلوهم حيث وجدتموهم) على أن ذلك ليس من النسخ قطعا.
وأيضا فإن الروايات السابقة الدالة على نسخ آية المائدة منها ما دل على أنها منسوخة بقوله تعالى: (ولا تمسكوا) ومنها ما دل على أنها منسوخة بقوله تعالى:
(ولا تنكحوا) إلى آخرها، ومن المعلوم أن النسخ بأحدهما لا يجتمع مع النسخ بالأخرى لاستحالة نسخ الشئ ورفعه بعد زواله وارتفاعه.
ومنه يعلم أن ما تضمنته رواية الطبرسي من اسناد النسخ إليهما معا خلاف ما يقتضيه الاعتبار، إلا أن يقال: إن الناسخ هو إحدى الآيتين خاصة، وإنما أضيف النسخ إلى الأخرى لكونها بمنزلة الناسخ من حيث الدلالة على ما يخالف حكم المنسوخ وإن حصل الرفع بغيرها، أو ما من شأنه النسخ به، أو يقال بتكرر النسخ وإن المنسوخ هو حل الكتابية لا من حيث استفادته من خصوص الآية بل حلها مطلقا وإن كان لأجل السنة لكن الكل كما ترى.
وأيضا قد عرفت أن الظاهر من آية النهي عن الامساك المنع عن البقاء على