أسباب الملك، ولو أن الشارع شرع الوصية التمليكية على هذا الوجه لم يكن بأس في تمليك المعدوم لها على الوجه المزبور، إلا أنه لم يثبت من الشارع ذلك فيها، بل الثابت خلافه، وأنها على قياس باقي أسباب الملك نحو الهبة والبيع والصلح ونحوها كما لا يخفى من أدلتها، ولو سلم قابلية تحميل اطلاقاتها، ذلك، إلا أن الاجماع بقسميه على كون المراد منها الموجود، فما في جامع المقاصد - من اشكال ما سمعته من الأصحاب بما مر في الوقف من صلاحية المعدوم للملك تبعا للموجود مع أن الوصية أخف منه كما هو واضح لمن لاحظ أحكامهما - في غير محله، لما سمعته من وضوح الفرق بين المقامين، ولا حاجة إلى ما تكلفه ثاني الشهيدين في الفرق بينهما، وأطنب به مما لا يرجع إلى محصل فلاحظ وتأمل والتحقيق ما عرفت.
ولا يرد عليه أن المعدوم لو كان غير قابل للتمليك، والملك لم يكن قابلا للتملك مع أن الاجماع بقسميه على صحة الوصية بالمعدوم عينا ومنفعة وعلى جواز بيع الثمار ونحو ذلك مما هو من تملك المعدوم.
لأنا نقول - بعد الفرق بينهما بالاجماع ونحوه - أنه يمكن منع تحقق الملك في ذلك كله حقيقة، بل أقصاه التأهل للملك، والاستعداد له على حسب ملك النماء لمالك الأصل، وملك المنفعة لمالك العين، فهو من ملك أن يملك، لا أنه ملك حقيقة، بل بالأسباب المزبورة استحق أن يملك المعدوم بعد وجوده، لا أنه مالك للمعدوم حقيقة، ولو أنه ثبت في الوصية صلاحيتها لنحو ذلك في الموصى له، كما ثبت صلاحيتها له في الموصى به، لقلنا به، لكنه لم يثبت، بل الثابت خلافه، كما عرفت بل الظاهر ذلك وإن اتفق وجوده حال موت الموصي، ولذا قيدنا الوجود في المتن بحال الوصية.
نعم هذا كله في الوصية التمليكية، أما الوصية العهدية التي لم يقصد الموصي انشاء تمليك فيها، فلا أجد مانعا من صحتها للمعدوم، بمعنى أن يعهد الميت في اعطاء شئ أو وقفه أو نحو ذلك لمن يتولد من زيد مثلا، واطلاق اشتراط الأصحاب الموجود في الموصى له منزل بقرينة تعليلهم وغيره على التمليكية التي هي أحد