أمكن بطلان البيع، اللهم إلا أن يستند في مسألة الصاع إلى خبر الأطنان (1) أو غيره مما مر تحقيقه هناك، فلاحظ وتأمل ما أسلفناه هناك، فإنه نافع في المقام بالنسبة إلى غير ذلك أيضا، حتى بالنسبة إلى اشتراط صحة بيع الصاع من الصبرة، بالعلم باشتمالها عليه وعدمه، وإن كان الظاهر عدم الصحة في المقام، مع عدم العلم، للشك في أصل وجود المبيع، لاحتمال الاستغراق، تنزيلا لاطلاق النص والفتوى على المعهود ما يعلم فيه عدم الاستغراق مع احتماله هنا، وتكون الصحة مراعاة كما أن النقص هناك يجبر بالخيار، إلا أنه ضعيف جدا، خصوصا بناء على أن مدرك الصحة النص السابق، وأنه لولاه لكان باطلا للجهالة، فتأمل.
والظاهر أنه لا فرق في استثناء الأرطال بين وجود الثمرة وبين عدمها كما لو باعه ثمرة سنتين مستثنيا الأرطال، للاطلاق ولا ينزل إشاعة السنة الثانية على نسبة السنة الأولى لاختلافها، بل كل منهما على نسبتها، ولو لم يخرج في السنة الثانية إلا مقدار المستثنى فما دون، ففي الصحة والبطلان وجهان ينشئان من تنزيل ذلك منزلة ما لو خاست الثمرة وعدمه، وعلى الأول يقدر لها حينئذ ثمرة العادة وينسب لها الأرطال الموجودة، فيستحق المشتري على حسب تلك النسبة، لكنه كما ترى لا يخلو من بعد، بل ينقدح منه احتمال صحة استثناء الأرطال في الثمرة المشاهدة دون غيرها.
ثم إنه قد صرح غير واحد بأن طريق معرفة الإشاعة في مسألة الأرطال تخمين الفائت بالثلث والربع مثلا ثم تنسب الأرطال إلى المجموع، ويسقط منها بالنسبة، لكن قد يقال: إن التخمين إن صح الاعتماد عليه باعتبار انحصار الطريق فيه، فهو بالنسبة إلى الفائت، أما نسبة الأرطال فيمكن معرفتها على التحقيق، فلا ينبغي الاكتفاء فيها بالتخمين بل الأولى الرجوع إلى الصلح بعد معرفتها أيضا لعدم الدليل على الاكتفاء بالتخمين الذي يمكن أن يكون محلا للنزاع، وربما يتعسر معرفته في بعض الأحوال أو يتعذر هذا.