" ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته، وثبتت عدالته بينهم " (1).
وبيان معنى الحديث: أنه لما سئل عما تعرف به عدالة الرجل، فأجاب (عليه السلام) بمعرفة كونه أهل الستر والعفاف، وكف الجوارح الأربع، ومجتنبا عن الكبائر.. ولما كان في معرفة ذلك خفاء - لكونها في غاية الصعوبة - فبين ثانيا أن الدليل على ذلك والسبيل إلى معرفته كونه ساترا لجميع عيوبه، متعاهدا للصلوات الخمس وحفظ مواقيتهن، وحضور جماعة المسلمين، غير متخلف عن جماعتهم.
ثم بقي شيئان:
أحدهما: أن ستر العيوب والاجتناب المشترط في العدالة إلى أي حد يلزم؟ فإنه هل يلزم أن يكون ساترا لمن له معاشرة ومصاحبة وخلطة، أو كل من لم يكن عالما بعيوبه لأجل ستره ولو في مدة قليلة؟ وكذا مواظبته وتعاهده للصلاة، فإنه هل يكفي مجرد رؤيته لازما لمصلاه في مدة قليلة وزمان يسير، أو يستدعي الحكم بالعدالة أكثر من ذلك؟ فبين (عليه السلام): بأن مجرد الرؤية لا يكفي في ذلك، بل ينبغي أن يكون لازما للمصلى، ومع ذلك إذا سئل في قبيلته وأهل محلته - الذين عاشروه في مدة طويلة واطلعوا على بعض من خفايا أمره - يشهدوا بهذين الأمرين.
وثانيهما: أنه (عليه السلام) حكم أولا بأن العدالة تعرف بالستر والكف واجتناب الذنوب، ثم جعل دليل ذلك التعاهد للصلوات، وكان وجه ذلك خفيا، فبينه (عليه السلام) بقوله: " وذلك أن الصلاة ستر " أي دافع وحاجز وكفارة